ح عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْزُبَانِيُّ، ح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ الْآمُلِيُّ، ح يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرٍو، مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ» قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الصَّائِمُ وَالْقَائِمُ يُجَاهِدَانِ أَنْفُسَهُمَا؛ لِأَنَّ الصَّائِمَ وَالْقَائِمَ مُخَالَفَةُ النَّفْسِ، إِذِ النَّفْسُ حَظُّهَا وَاسْتِمتَاعُهَا بِالْمَطَاعِمِ وَالشَّرَابِ وَالنِّكَاحِ، وَالصَّائِمُ يُمْنَعُ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَالنَّفْسُ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، تَدْعُو إِلَى هَذِهِ، وَبِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَتَقَوَّى هَذِهِ النَّفْسُ، بِالنَّوْمِ تَرْبُو وَتَنْمُو، وَالْقِيَامُ يَمْنَعُ النَّوْمَ، وَالصَّائِمُ وَالْقَائِمُ يُجَاهِدَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفْسَهُ، وَمَنْ جَمَعَهُمَا فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ نَفْسًا وَاحِدَةً، فَيَعْظُمُ قَدْرُهُ، وَتَعْلُو رُتْبَتُهُ بِمُجَاهَدَتِهِ نَفْسَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ} [النازعات: 40] الْآيَةَ. وَمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ، فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ نَفْسَهُ فِي تَحَمُّلِ أَثْقَالِ مَسَاوِئِ أَخْلَاقِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَ الْخُلُقِ هُوَ الَّذِي لَا يُحَمِّلُ غَيْرَهُ ثِقَلَهُ، وَيَتَحَمَّلُ أَثْقَالَ غَيْرِهِ، وَهُوَ جِهَادٌ كَبِيرٌ، فَأَدْرَكَ هَذَا بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ؛ لِأَنَّهُ يُجَاهِدُ نَفْسَهُ كَمَا يُجَاهِدُهَا الصَّائِمُ الْقَائِمُ، فَاسْتَوَيَا فِي الرُّتْبَةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مُجَاهَدَةُ النَّفْسِ