شربة من هذا المدام رخيصة ببذل الكون والأوائل والأواخر، لا يتركه إلا سيفه ليس لتيه شقائه من آخر، اقبل نصحي وبادر قبل غلق بابه وباكر، يغنيك عن كل مطعوم ومشروب، وعن كل نسيم عاطر.
منها شرب آدم، وناح عليها نوح، ونشر زكريا بالمناشر، وعرض الخليل على النار،، فما أحسّ بما هو إليه سائر، وعاجل الشوق موسى فقال: أرني لعلي أرى المنظور في الناظر، وكم لداود من سكر وأشواق وتلحين مزامر، وهام عيسى في البراري لا يأوي على باد ولا حاضر، شربها شربا نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم السبت، فألقت فيه بقيّة أوجبت المدائح والمفاخر.
لك انفتح الكون، فاختر هذا الشراب الطيب الطاهر، قطرة منها نهر الكوثر، تروى منها في ظمأ الهواجر، دارت على الصدّيق والفاروق والسعيد إلى العاشر. اجتمعوا لشربها في الأول، واجتمعوا لشربها في الآخر، أبقوا في أدنان المعاني بقايا الكرام فعل الأكابر، صفت لأهل الصفة، فصفت بشربها السرائر.
فاخلع في شربها العذار، فما لك إن خلعت من عاذل، وإن لم تخلعه فما لك من عاذر، وزمزم وأطرب وارقص، فالكون كونك، ومحبوبك حاضر. صن موضع السر عن سواه، وإيّاك والخاطر الخاطر، إن نظرت لغيره، أبعدك وما لك إن بعدت من ناصر.
يا معشر الفقراء، هذه سماعكم، فأين من هو معي حاضر، يا أرباب الأحوال، معكم أتحدث، ولكم أصف، ولركبكم أساير، يا معشر التائبين، أما يهون عليكم بذل المعصية لنيل هذا الجوهر الفاخر، إن فاتك هذا السماع ولم تطرب، فأنت في بريّة الحرمان حائر.
قال أبو بكر الوراق (?) رضي الله عنه: حقيقة المحبة مشاهدة المحبوب على كل حال، فان الاشتغال بالغير حجاب، وأصله التسليم واليقين، فإنها يبلغان إلى