بحر الدموع (صفحة 80)

وكان يصلي على مثلها، وقد ضاق صدري من المطر، وتضييقي عليه في موضعه، فناداني، وقال لي: من شرائط الخدّام، التواضع والاستسلام. فقلت له: ما علامة المحبة؟

قال: إذا كان البدن كالحية يلتوي، والفؤاد بنار الشوق يكتوي، فاعلم أن القلب على المحبة منطو، وكل نقمة يشاهدها المحب دون الهجر فهي نعمة، فالكل عنه عوض إلا المحبوب. ألا ترى إلى آدم عليه السلام شاهد العتاب والنقمة، ولكنه لما لم يكن معه هاجر، كانت منحا ونعمة، وجعل يقول رضي الله عنه:

جسد ناحل ودمع يفيض ... وهوى قاتل وقلب مريض

وسقام على التنائي شديد ... وهموم وحرقة ومضيض

يا حبيب القلوب قلبي مريض ... والهوى قاتلي ودمعي يفيض

إن يكن عاشق طويل بلاه ... فبلائي بك الطويل والعريض

قال: وصاح الشيخ صيحة، فسقط ميتا، فخرجت لأنظر معي من يدفنه وأجهزه، فما وجدت أحدا.

فرجعت إلى المغارة، فطلبته، فما وجدته، فبقيت متحيّرا في أمره متفكرا، فسمعت هاتفا يقول:

رفع المحب إلى المحبوب ... وفاز بالبغية والمطلوب

ونفعنا الله ببركاته ورضي الله عنه.

**

طور بواسطة نورين ميديا © 2015