ثم قالوا للراهب: وأين هو؟.
قال لهم: يرعى الخنازير.
قال: فمضينا إليه، فوجدناه متكئا على عصاه التي كان يخطب عليها وهو يزجر بها الخنازير، وقلنا له: يا سيّدنا، ما هذا البلاء الذي حلّ بك.
وجعلنا نذكّره فضل القرآن والإسلام، وفضل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقرأنا عليه القرآن والحديث.
فقال لنا: إليكم عني، فأنا أعلم بما تذكرونني به منكم، ولكن قد نزل بي البلاء من عند رب العالمين.
قال: فكلما عالجناه ليسير معنا، ما قدرنا عليه، فمضينا إلى مكة وتركناه، وفي قلوبنا منه حسرة.
وقضينا حجنا ورجعنا نريد بغداد، فلما صرنا إلى ذلك الموضع، فقلنا: تعالوا ننظر ما فعل الشيخ، لعله ندم وتاب إلى الله عز وجلّ، ورجع عما كان فيه.
قال: فذهبنا إليه، فوجدناه على حالته، وهو يزجر الخنازير، فسلمنا عليه وذكّرناه، وقرأنا عليه القرآن، فما ردّ علينا شيئا، فانصرفنا عنه وفي قلوبنا منه حسرة عظيمة.
قال: فلما صرنا على بعد من الدير، وإذا نحن بسواد قد أقبل علينا من ناحية الدير، وهو يصيح علينا، فوقنا له، فإذا هو صاحبنا الشيخ قد لحق بنا.
وقال: اشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وأنا قد تبت إلى الله، ورجعت عما كنت فيه، وما كنت فيه، وما كان ذلك إلا من ذنب كان بيني وبين ربي عاقبني به، فكان من البلاء ما رأيتم.
قال: فسررنا بذلك غاية السرور، وجئنا إلى بغداد، وأقبل الشيخ على العبادة