قال أبو يعقوب النهرجوري: رأيت في الطواف رجلا بفرد عين، وهو يقول في طوافه: أعوذ بك منك، فقلت له: ما هذا الدعاء، فقال: إني مجاور منذ خمسين سنة، فنظرت إلى شخص يوما فاستحسنته، وإذا بلطمة قد وقعت على عيني، فسالت على خدي، فقلت: آه، فوقعت أخرى، وقائل يقول: لو زدت لزدناك.
دعوني أناجي مولى جليلا ... إذا الليل أرخى على السدولا
نظرت إليك بقلب ذليل ... لأرجو به يا إلهي القبولا
لك الحمد والمجد والكبرياء ... وأنت الإله الذي لن يزولا
وأنت الإله الذي لم يزل ... حميدا كريما عظيما جليلا
تميت الأنام وتحيي العظام ... وتنشى الخلائق جيلا فجيلا
عظيم الجلال كريم الفعال ... جزيل النوال تنيل السؤولا
حبيب القلوب غفور الذنوب ... تواري العيوب تقيل الجهولا
وتعطي الجزيل وتولي الجميل ... وتأخذ من ذا وذاك القليلا
خزائن جودك لا تنقضي ... تعمّ الجواد بها والبخيلا
قال بعض العارفين: خرجنا من أرض العراق نريد مكة ومدينة المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكنا في رفقة كثيرة من الناس، فإذا نحن برجل من أهل العراق، وقد خرج معنا رجل به أدمة في شقرة وهو مصفرّ اللون، قد ذهب الدم من وجهه مما بلغت فيه العبادة، وعليه ثياب خلقة من رقاع شتى، وبيده عصا ومعه مزود فيه شيء من الزاد.
قال: وكان ذلك الرجل العابد الزاهد أويسا القرني، فلما نظر إليه أهل القافلة على تلك الحالة، أنكروه، وقالوا له: نظن أنك عبد. قال: نعم. قالوا: نظن أنك عبد سوء هربت من مولاك. قال لهم: نعم. قالوا: كيف رأيت نفسك حين هربت من مولاك، وما صار حالك إليه؟ أما إنك لو أقمت عنده، ما كانت هذه حالتك، وإنما أنت عبد سوء مقصّر. فقال لهم: نعم والله، أنا عبد سوء، ونعم المولى