ألا قف ببابي عند قرع النوائب وثق ... بي تجدني خير خلّ وصاحب
ولا تلتفت غيري فتصبح نادما ... ومن يلتفت غيري يعش خائب
كان أبو محفوظ معروف الكرخي قد خصّه الله بالاجتباء في حال الصبا، يذكر أن أخاه عيسى قال: كنت أنا وأخي معروف في المكتب، وكنا نصارى، وكان المعلم يعلم الصبيان: "أب" و"ابن" فيصيح أخي معروف: "أحد أحد" فيضربه المعلم على ذلك ضربا شديدا، حتى ضربه يوما ضربا عظيما، فهرب على وجهه.
وكانت أمه تبكي وتقول: لئن ردّ الله عليّ معروفا، لأتبعنّه على أي دين كان، فقدم عليها معروف بعد سنين كثيرة، فقالت له: يا بنيّ، على أي دين أنت؟ قال: على دين الإسلام، فقالت: أشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، فأسلمت أمي وأسلمنا كلنا.
وقال أحمد بن الفتح: رأيت بشر بن الحارث في منامي وهو قاعد في بستان بين يديه مائدة وهو يأكل منها، فقلت: يا أبا نصر, ما فعل الله بك؟ قال: رحمني وغفر لي، وأباح لي الجنة بأسرها، وقال لي: كل من جميع ثمارها، واشرب من أنهارها، وتمتع بجميع ما فيها، كما كنت تحرم نفسك عن الشهوات في دار الدنيا.
فقلت له: فأين أخوك أحمد بن حنبل؟ فقال: هو قائم على باب الجنة يشفع لأهل السنة ممن يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق.
فقلت له: وما فعل الله بمعروف الكرخي؟ فحرّك رأسه، وقال هيهات هيهات! حالت بيننا وبينه الحجب. إن معروفا لم يعبد الله شوقا إلى جنّته، ولا خوفا من ناره، وإنما عبده شوقا إليه، فرفعه إلى الرفيق الأعلى، ورفع الحجاب بينه وبينه.
ذلك الترياق المقدس المجرّب، فمن كانت له إلى الله حاجة، فليأت قبره، وليدع، فانه يستجاب له إن شاء الله تعالى (?) .