قال بعض الحكماء: ترك فضول الكلام يثمر النطق بالحكمة، وترك فضول النظر يثمر الخشوع والخشية، وترك فضول الطعام يثمر حلاوة العبادة، وترك الضحك يثمر حلاوة لهيبة، وترك الرغبة في الحرام يثمر المحبة، وترك التجسس عن عيوب الناس يثمر صلاح العيوب، وترك التوهم في الله ينفي الشك والشرك والنفاق.
وأنشدوا:
الصمت نفع والكلام مضرة ... فلربّ صمت في الكلام شفاء
فإذا أردت من الكلام شفاء ... لسقام قلبك فالقرآن دواء
واعلم أن التجسس عن عيوب الناس، وتطلب مساوئهم، يبدي العورات، ويكشف المخبّآت.
وقد نهى الله عز وجل عن ذلك في كتابه العزيز بقوله: {وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} الحجرات 12.
فاتق الله واشتغل بعيوبك عن عيوب الناس، ولا تكن كمثل الذباب الذي لا يعرج على المواضع السليمة من الجسد، ولا ينزل عليها، وإنما يقع على القروح فيدميها.
فمن بحث عن مساوئ الناس واتبع عوراتهم، واشتغل بعيب غيره، وترك عيبه، سلط الله تعالى عليه من يبحث في عيبه ومساوئه ليشهّرها، ويتبع عورته ويبديها وينشرها (?) .
فالعاقل السعيد من نظر في عيبه، وشغل بذلك عن عيوب غيره، وعن كل شيء سوى الله تعالى.
وروي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن جبريل عليه السلام عن الله تعالى، أنه قال: