ثانيًا: التدوين المبكر للسيرة النبوية فقد بدأ تدوين السنة والسيرة النبوية جنبًا إلى جنب منذ وقت مبكر في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك بكتابة الأحاديث التي تتعلق بالحوادث التي وقعت في زمنه صلى الله عليه وسلم مثل بعثته صلى الله عليه وسلم وبداية نزول الوحي عليه وما لقيه بمكة قبل الهجرة ثم هجرته إلى المدينة، وهجرة بعض أصحابه إلى الحبشة قبل ذلك، وزيجاته صلى الله عليه وسلم وغزواته وأسفاره وغير ذلك من الأمور التي تتعلق بشخصه وسلوكه في حياته كلها. فكل هذه الأمور مثبتة في السنة وكتبها.
أما التدوين الشامل للسيرة فقد بدأ منذ عهد معاوية بن أبي سفيان رضى الله عنه، حيث كان عبد الله بن عباس المتوفى سنة (68) هـ رضى الله عنه يدرس تلاميذه نسب النبي صلى الله عليه وسلم ومغازيه وكان تلاميذه يدونون ذلك، وكذلك فعل عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما المتوفى سنة (63) هـ ومثلهما البراء بن عازب رضى الله عنه المتوفى سنة (74) هـ حيث كان يملي تلاميذه مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي عصر التابعين -الذين عاصروا الصحابة وأخذوا عنهم - بدأ التأليف في السيرة فقد ألف كتاب عروة بن الزبير بن العوام المتوفى سنة (93) هـ وهو ابن الصحابي الجليل الزبير بن العوام - ألف كتاب (مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم)
وكان أهم تأليف للتابعين هو كتاب أبان بن عثمان بن عفان المتوفى سنة (105) هـ وهو ابن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أتم كتابه في السيرة والمغازي قبل سنة (83) هـ ثم كتاب وهب بن منبه المتوفى سنة (110) هـ وتوجد قطعة من كتابه (المغازي) في مدينة (هيد لبرغ) بألمانيا. وكذلك موسى بن عقبة المتوفى سنة (141) هـ وتوجد أيضًا نسخة من كتابه (المغازي) في (مكتبة برلين) بألمانيا وهؤلاء جميعًا عاصروا الصحابة وأخذوا عنهم.
وأشمل كتابين في السيرة هما: (السير والمغازي) لمحمد بن إسحاق المتوفى سنة (151) هـ، و (السيرة النبوية) لابن هشام المتوفى سنة (213) هـ وكلا المؤلفين قد عاصر التابعين وأخذ عنهم.