في الدنيا والآخرة، لكن خصص القيامة لارتفاع دعوى السؤدد فيها، وتسليم الكل له ذلك، وكون آدم ومن ولد تحت لوائه، كما قال ـ تعالى ـ: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّا} ((?) أي: انقطعت دعاوى الدعاة في الملك ذلك اليوم، وبقي الملك لله وحده، الذي قهر جميع الجبابرة والمدعين الملك وأفناهم، ثم أعادهم وحشرهم عراة فقراء إليه)) (?).

وقال القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ بعد أن ذكر معاني السيادة: ((وقد تحقق كمال تلك المعاني كلها لنبينا محمد ـ ? ـ في ذلك المقام الذي يحمده ويغبطه فيه الأولون والآخرون، ويشهد له بذلك النبيون والمرسلون، وهذه حكمة عرض الشفاعة على خيار الأنبياء، فكلهم تبرأ منها ودل على غيره، إلى أن بلغت محلها، واستقرت في نصابها)) (?).

وقال النووي ـ رحمه الله تعالى ـ: (وأما قوله ـصلى الله عليه وسلم ـ: ((يوم القيامة)) مع أنه سيدهم في الدنيا والآخرة، فسبب التقييد أن في يوم القيامة يظهر سؤدده لكل أحد، ولا يبقى منازع ولا معاند ونحوه، بخلاف الدنيا، فقد نازعه ذلك فيها ملوك الكفار وزعماء المشركين، وهذا التقييد قريب من معنى قوله ـ تعالى ـ: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} مع أن الملك له ـ سبحانه ـ قبل ذلك، لكن كان في الدنيا من يدعى الملك أو من يضاف اليه مجازا، فانقطع كل ذلك في الآخرة) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015