أَمَّا الصُّورَةُ الأُولَى؛ فَيُرَادُ بِهَا: أَنَّ الكَلَامَ لَمْ يَسْبِقْهُ جَحْدٌ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِ جُمْلَةِ الاسْتِثْنَاءِ نَفْيٌ أَوْ نَهْيٌ أَوِ اسْتِفْهَامٌ؛ كَقَوْلِكَ: (قَامَ القَوْمُ إِلَّا عَمْرًا)؛ فَهُنَا كَلَامٌ مُوجَبٌ لَمْ يَسْبِقْهُ جَحْدٌ.

وَفِي هَذِهِ الحَالَةِ: يُنْصَبُ المُسْتَثْنَى؛ كَنَصْبِ (زَيْدٍ) فِي المِثَالِ السَّابِقِ.

وَمِثْلُهُ: (مَرَرْتُ بِهِمْ إِلَّا عَمْرًا)، وَ (هَذَا دِينَارٌ إِلَّا قِيرَاطًا).

وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ؛ فَيُرَادُ بِهَا: أَنَّ الكَلَامَ قَدْ سَبَقَهُ جَحْدٌ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَقَعَ فِي أَوَّلِ جُمْلَةِ الاسْتِثْنَاءِ نَفْيٌ أَوْ نَهْيٌ أَوِ اسْتِفْهَامٌ؛ كَقَوْلِكَ: (مَا أَتَانِي أَحَدٌ إِلَّا أَبُوكَ)؛ فَهُنَا كَلَامٌ مَنْفِيٌّ؛ لِوُجُودِ (مَا) فِي أَوَّلِهِ.

وَفِي هَذِهِ الحَالَةِ: يَتْبَعُ المُسْتَثْنَى إِعْرَابَ المُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى البَدَلِ؛ كَرَفْعِ (أَبُوكَ) عَلَى البَدَلِ مِنْ (أَحَدٌ).

وَمِثْلُهُ: (مَا رَأَيْتُ أَحَدًا إِلَّا أَبَاكَ)، وَ (مَا مَرَرْتُ بِأَحَدٍ إِلَّا أَبِيكَ).

وَأَجَازَ أَهْلُ اللُّغَةِ النَّصْبَ فِي حَالَةِ الجَحْدِ - أَيْضًا -؛ فَتَقُولُ: (مَا أَتَانِي أَحَدٌ إِلَّا أَبَاكَ)، (مَا رَأَيْتُ أَحَدًا إِلَّا أَبَاكَ)، وَ (مَا مَرَرْتُ بِأَحَدٍ إِلَّا أَبَاكَ).

وَثَمَّةُ حَالَةٌ ثَالِثَةٌ فِي هَذَا القِسْمِ لَمْ يَذْكُرْهَا المُصَنِّفُ، وَهُوَ: إِذَا كَانَ الكَلَامُ جَحْدًا لَكِنَّهُ مُنْقَطِعٌ لَيْسَ تَامًّا؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ المُسْتَثْنَى مِنْهُ؛ كَقَوْلِكَ: (مَا قَامَ إِلَّا زَيْدٌ)؛ فَهُنَا لَمْ يُذْكَرِ المُسْتَثْنَى مِنْهُ؛ فَفِي مِثْلِ تِلْكَ الحَالَةِ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015