قَالَ المُصَنِّفُ: «إِذَا أَغْرَيْتَ بِشَيْءٍ وَحَذَّرْتَ مِنْهُ فَانْصِبْ، وَالعَرَبُ لَا تُغْرِي إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، وَهِيَ: (عَلَيْكَ، وَعِنْدَكَ، وَدُونَكَ).
تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: (عَلَيْكَ زَيْدًا)؛ نَصَبْتَ زَيْدًا بِالإِغْرَاءِ، وَمَعْنَى الإِغْرَاءِ: (الْزَمْ زَيْدًا) وَ (خُذْ زَيْدًا).
وَمِثْلُهُ: (عِنْدَكَ عَمْرًا)، وَ (دُونَكَ مُحَمَّدًا)؛ أَيْ: (خُذْ مُحَمَّدًا).
وَتَقُولُ فِي التَّحْذِيرِ: (اللهَ اللهَ) (الأَسَدَ الأَسَدَ) وَ (إِيَّاكَ وَالفِتْنَةَ)، فَتْنصِبُ عَلَى التَّحْذِيرِ؛ بِمَعْنَى: (احْذَرِ الأَسَدَ) وَ (احْذَرِ الفِتْنَةَ)».
(الشَّرْحُ): هَذَا بَابٌ لِأُسْلُوبِ الإِغْرَاءِ وَالتَّحْذِيرِ، وَقَدْ جُمِعَا فِي بَابٍ وَاحِدٍ لِتَسَاوِي أَحْكَامِهِمَا، وَهُوَ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ المَفْعُولِ بِهِ، لَكِنْ جَاءَ بِصِيغَةٍ مُعَيَّنَةٍ يُحْذَفُ فِيهَا فِعْلُهُ، وَيُعَيَّنُ فِي الجُمْلَةِ عَلَى التَّقْدِيرِ.
فَالإِغْرَاءُ: هُوَ حَثُّ المُخَاطَبِ عَلَى أَمْرٍ مَحْمُودٍ لِيَفْعَلَهُ وَيَلْزَمَهُ.
وَالتَّحْذِيرُ: هُوَ تَنْبِيهُ المُخَاطَبِ إِلَى أَمْرٍ مَذْمُومٍ لِيَتَجَنَّبَهُ.
وَيَكُونُ الاسْمُ المُغْرَى بِهِ أَوِ الاسْمُ المُحَذَّرُ مِنْهُ: مَفْعُولًا بِهِ عَلَى النَّصْبِ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ مُقَدَّرٍ.