يستكمله من الْعقل مَا يكون أفضل من عقل جَمِيع أمته وَعَسَى أَن يكون فِي أمته من هُوَ أَشد مِنْهُ اجْتِهَادًا بِبدنِهِ وجوارحه وَلما تضمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عقله وَنِيَّته وفكره أفضل من عبَادَة جَمِيع الْمُجْتَهدين انْتهى كَلَام ابْن عبد البر بِطُولِهِ
قلت وَاعْلَم أَيهَا النَّاظر فِيمَا جمعناه أَن جَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ من الْآثَار من أول الْمُقدمَة إِلَى آخرهَا كلهَا مَرْوِيّ بأسانيد جِيَاد حذفناها اختصارا وجلها لحافظ الْمغرب أبي عمر بن عبد البر من كتاب الْعلم والتمهيد والاستذكار والاستيعاب كلهَا لَهُ وَمَا عداهُ فَمن كَلَام حَافظ الْمشرق أبي بكر الْبَيْهَقِيّ وَقَلِيل مِنْهُ نقلته بِسَنَدِهِ من رِسَالَة عَلامَة الْمُجْتَهدين مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي وَالله الْمُوفق للصَّوَاب وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب
قَالَ فِي خزانَة الرِّوَايَات فصل فِي كَيْفيَّة الِاجْتِهَاد وَبَعض مسَائِل التَّقْلِيد وَالْفَتْوَى وَجَوَاز الْعَمَل على النُّصُوص وَالْأَخْبَار وَالْعَمَل على غير مذْهبه إِلَى أَن قَالَ وَفِي دستور السالكين فَإِن قيل لَو كَانَ الْمُقَلّد غير الْمُجْتَهد عَالما مستدلا يعرف قَوَاعِد الْأُصُول ومعاني النُّصُوص وَالْأَخْبَار هَل يجوز لَهُ أَن يعْمل عَلَيْهَا وَكَيف يجوز لِأَنَّهُ قيل لَا يجوز لغير الْمُجْتَهد أَن يعْمل إِلَّا على رِوَايَات مذْهبه وفتاوي إِمَامه وَلَا يشْتَغل بمعاني النُّصُوص وَالْأَخْبَار وَالْعَمَل عَلَيْهَا كالعامي قيل هَذَا فِي الْعَاميّ الصّرْف وَالْجَاهِل الَّذِي لَا يعرف معنى النُّصُوص وَالْأَحَادِيث وتأويلاتها وَأما الْعَالم الَّذِي يعرف معنى النُّصُوص وَالْأَخْبَار وَهُوَ من أهل الدِّرَايَة وَثَبت عِنْده صِحَّتهَا من الْمُحدثين أَو من كتبهمْ الموثوقة الْمَشْهُورَة المتداولة فَيجوز لَهُ أَن يعْمل عَلَيْهَا وَإِن كَانَ مُخَالفا لمذهبه يُؤَيّدهُ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وَقَول صَاحب الْهِدَايَة وَفِي رَوْضَة الْعلمَاء الرندوسية فِي فضل الصَّحَابَة لأبي حنيفَة إِذا قلت قولا وَكتاب الله يُخَالِفهُ قَالَ اتركواقولي لكتاب الله فَقيل إِذا كَانَ خبر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَالِفهُ قَالَ اتْرُكُوا قولي لخَبر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل إِذا كَانَ قَول الصَّحَابَة يُخَالِفهُ قَالَ اتْرُكُوا قولي لقَوْل الصَّحَابَة
وَفِي الإمتاع روى الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عِنْد الْكَلَام على الْقُرْآن بِسَنَدِهِ قَالَ قَالَ الشَّافِعِي إِذا قلت قولا وَكَانَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلاف قولي فَمَا يَصح من حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولى فَلَا تقلدوني وَنقل إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي نهايته عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ إِذا صَحَّ خبر يُخَالف مذهبي فَاتَّبعُوهُ وَاعْلَمُوا أَنه مذهبي وَقد صَحَّ فِي منصوصاته أَنه قَالَ إِذا بَلغَكُمْ عني مَذْهَب وَصَحَّ عنْدكُمْ خبر على مُخَالفَته فاعلموا أَن مذهبي مُوجب الْخَبَر
وروى الْخَطِيب بِإِسْنَادِهِ أَن الداركي من الشَّافِعِيَّة كَانَ يستفتي وَرُبمَا يُفْتِي بِغَيْر مَذْهَب الشَّافِعِي