والتكلف فِي اخراج ذَلِك النَّص عَن دلَالَته والتحيل لدفعه بِكُل طَرِيق حَتَّى يَصح قَول متبوعهم فيا لله لدينِهِ وَكتابه وَسنة رَسُوله ولبدعة كَادَت تثل عرش الايمان وتهدم رُكْنه لَوْلَا أَن الله تَعَالَى ضمن لهَذَا الدّين أَن لَا يزَال فِيهِ من يتَكَلَّم بأعلامه ويذب عَنهُ فَمن أَسْوَأ أدبا على الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَسَائِر عُلَمَاء الْمُسلمين وَأَشد اسْتِخْفَافًا بحقوقهم وَأَقل رِعَايَة لواجبها وَأعظم استهانة بهم مِمَّن لَا يلْتَفت الى قَول رجل وَاحِد مِنْهُم وَلَا الى فَتْوَى غير صَاحبه الَّذِي اتَّخذهُ وليجة من دون الله وَرَسُوله ص
وَيُقَال خَامِس عشر اذا نزل عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام اماما عدلا وَحكما مقسطا فبمذهب من يحكم وبرأي من يقْضِي وَمَعْلُوم أَنه لَا يقْضِي وَلَا يحكم إِلَّا بشريعة نَبينَا ص الَّتِي شرعها الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ فَذَلِك الَّذِي يقْضِي بِهِ عِيسَى بن مَرْيَم ص أَحَق وَأولى هُوَ الَّذِي أوجب الله تَعَالَى عَلَيْكُم أَن تقضوا وتفتوا بِهِ وَلَا يحل لأحد أَن يقْضِي وَلَا يُفْتِي بِشَيْء سواهُ الْبَتَّةَ
وَيُقَال سادس عشر من عَجِيب أَمركُم أَيهَا المقلدون أَنكُمْ اعترفتم وأقررتم على أَنفسكُم بِالْعَجزِ عَن معرفَة الْحق بدليله من كَلَام الله تَعَالَى وَكَلَام رَسُوله ص مَعَ سهولته وَقرب مأخذه واستيلائه على أقْصَى غايات الْبَيَان واستحالة التَّنَاقُض والإختلاف عَلَيْهِ فَهُوَ نقل مُصدق عَن قَائِل مَعْصُوم وَقد نصب الله سُبْحَانَهُ الْأَدِلَّة الظَّاهِرَة على الْحق وَبَين لِعِبَادِهِ مَا يَتَّقُونَ فادعيتم الْعَجز عَن معرفَة مَا نصب الله تَعَالَى عَلَيْهِ الْأَدِلَّة وَتَوَلَّى بَيَانه ثمَّ زعمتم أَنكُمْ قد عَرَفْتُمْ بِالدَّلِيلِ أَن صَاحبكُم أولى بالتقليد من غَيره وَأَنه أعلم الْأمة وأفضلها فِي زَمَانه وهلم جرا وغلاة كل طَائِفَة مِنْكُم توجب اتِّبَاعه وَتحرم اتِّبَاع غَيره كَمَا هُوَ فِي كتب أصولهم فعجبا كل الْعجب لمن خَفِي عَلَيْهِ التَّرْجِيح فِيمَا نصب الله تَعَالَى عَلَيْهِ الْأَدِلَّة من الْحق وَلم يهتد إِلَيْهَا واهتدى إِلَى أَن متبوعه أَحَق وَأولى بِالصَّوَابِ مِمَّن عداهُ وَلم ينصب الله تَعَالَى على ذَلِك دَلِيلا وَاحِدًا
وَيُقَال سَابِع عشر أعجب من هَذَا كُله من شَأْنكُمْ معاشر المقلدين أَنكُمْ إِذا وجدْتُم آيَة من كتاب الله تَعَالَى توَافق رَأْي صَاحبكُم أظهرتم أَنكُمْ تأخذون بهَا والعمدة فِي نفس الْأَمر على مَا قَالَه لَا على الْآيَة وَإِذا وجدْتُم آيَة تخَالف قَوْله لم تَأْخُذُوا بهَا وتطلبتم بهَا وُجُوه التَّأْوِيل وإخراجها عَن ظواهرها حَيْثُ لم توَافق رَأْيه وَهَكَذَا تَفْعَلُونَ فِي نُصُوص السّنة سَوَاء إِذا وجدْتُم حَدِيثا صَحِيحا يُوَافق قَوْله أَخَذْتُم بِهِ وقلتم لنا قَوْله ص كَيْت وَكَيْت وَإِذا وجدْتُم مائَة حَدِيث صَحِيح بل أَكثر تخَالفه لم تلتفتوا إِلَى حَدِيث مِنْهَا وَلم يكن لكم مِنْهَا حَدِيث وَاحِد فتقولون لنا قَوْله ص كَذَا وَكَذَا وَإِذا وجدْتُم مُرْسلا يُوَافق رَأْيه أَخَذْتُم بِهِ وجعلتوه حجَّة هُنَاكَ فَإِذا وجدْتُم مائَة مُرْسل تخَالف رَأْيه اطرحتموها كلهَا من أَولهَا إِلَى آخرهَا وقلتم لَا نَأْخُذ بالمرسل
وَيُقَال ثامن عشر أعجب من هَذَا أَنكُمْ إِذا أَخَذْتُم الحَدِيث مُرْسلا كَانَ أَو مُسْندًا لموافقة