فِي مَدْلُوله وَإِن مذْهبه مَا دلّ عَلَيْهِ الحَدِيث لَا قَول لَهُ غَيره وَلَا يجوز أَن ينْسب إِلَيْهِ مَا خَالف الحَدِيث فَيُقَال هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي وَلَا يحل الْإِفْتَاء بِمَا خَالف الحَدِيث على أَنه مَذْهَب الشَّافِعِي وَلَا الحكم بِهِ صرح بذلك جمَاعَة من أَئِمَّة أَتْبَاعه حَتَّى كَانَ مِنْهُم من يَقُول للقارئ إِذا قَرَأَ عَلَيْهِ مَسْأَلَة من كَلَامه قد صَحَّ الحَدِيث بِخِلَافِهَا اضْرِب على هَذِه الْمَسْأَلَة فَلَيْسَتْ مذْهبه وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب قطعا لَو لم ينص عَلَيْهِ فَكيف إِذا نَص عَلَيْهِ وَأبْدى فِيهِ وَأعَاد وَصرح بِأَلْفَاظ كلهَا صَرِيحَة فِي مدلولها فَنحْن نشْهد بِاللَّه أَن مذْهبه وَقَوله الَّذِي لَا قَول لَهُ سواهُ مَا وَافق الحَدِيث دون مَا خَالفه وَمن نسب إِلَيْهِ خِلَافه فقد نسب إِلَيْهِ خلاف مذْهبه وَلَا سِيمَا إِذا ذكر هُوَ ذَلِك الحَدِيث وَأخْبر أَنه إِنَّمَا خَالفه لضعف فِي سَنَده أَو لعدم بُلُوغه لَهُ من وَجه يَثِق بِهِ ثمَّ ظهر للْحَدِيث سَنَد صَحِيح لَا مطْعن فِيهِ وَصَححهُ أَئِمَّة الحَدِيث من وُجُوه لم تبلغه فَهَذَا لَا يشك عَالم وَلَا يُمَارِي أَنه مذْهبه قطعا وَهَذَا كَمَسْأَلَة الجوائح فَإِنَّهُ علل حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة بِأَنَّهُ كَانَ رُبمَا ترك ذكر الجوائح وَقد صَحَّ الحَدِيث من غير طَرِيق سُفْيَان صِحَة لَا مرية فِيهَا وَلَا عِلّة وَلَا شُبْهَة بِوَجْه فمذهب الشَّافِعِي وضع الجوائح وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
وَقد صرح بعض أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة بِأَن مذْهبه أَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأَن وَقت الْمغرب يَمْتَد إِلَى الشَّفق وَأَن من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام صَامَ عَنهُ وليه وَإِن أكل لُحُوم الْإِبِل ينْقض الْوضُوء وَهَذَا بِخِلَاف الْفطر بالحجامة وَصَلَاة الْمَأْمُوم قَاعِدا إِذا صلى الإِمَام كَذَلِك فَإِن الحَدِيث وَإِن صَحَّ فِي ذَلِك فَلَيْسَ بِمذهب لَهُ فَإِنَّهُ رَوَاهُ وَعرف صِحَّته لَكِن خَالفه لاعْتِقَاده نسخه وَهَذَا شَيْء وَذَلِكَ شَيْء وَفِي هَذَا القسيم يَقع النّظر فِي النّسخ وَعَدَمه وَفِي الأول يَقع النّظر فِي صِحَة الحَدِيث وثقة السَّنَد فأعرفه انْتهى كَلَام ابْن الْقيم
قَالَ الْعِزّ بن عبد السلام فِي قَوَاعِده لَا طَاعَة لأحد من المخلوقين إِلَّا لمن أذن الله تَعَالَى فِي طَاعَته كالرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْعُلَمَاء وَالْأَئِمَّة والقضاة والولاة والآباء والأمهات والسادات والأزواج والمستأجرين فِي الْإِجَارَات على الْأَعْمَال والصناعات وَلَا طَاعَة لأحد فِي مَعْصِيّة الله عز وَجل لما فِيهَا من الْمفْسدَة الموبقة فِي الدَّاريْنِ أَو فِي أَحدهمَا فَمن أَمر بِمَعْصِيَة فَلَا سمع وَلَا طَاعَة لَهُ إِلَّا أَن يكره إِنْسَان على أَمر الْإِكْرَاه فَلَا إِثْم على مطيعه وَقد تجب طَاعَته لَا لكَونه أمرا بل دفعا لمفسدة مَا تهدد بِهِ من قتل أَو قطع أَو جِنَايَة على بضع وَلَو أَمر الإِمَام أَو الْحَاكِم إنْسَانا بِمَا يعْتَقد الْآمِر حلّه والمأمور تَحْرِيمه فَهَل لَهُ فعله نظرا إِلَى رَأْي الْآمِر