وولي بعده عليُّ بن أبي طالب، وهو أولُ خليفة هاشمي الأبوين، ولم يكن بعده كذلك غيرُ محمّدٍ الأمين، وكانت خلافته خمسَ سنين تنقص ثلاثةَ أشهر، وفي أيامه بويع لمعاويةَ في الشام، وسار كلُّ واحد منهما إلى صاحبه، وكانت بينهما وقعةُ صِفِّين، قُتل فيها خلائقُ من الصحابةِ وغيرِهم، وقُتل على، ضربه ابنُ مُلْجِمٍ وهو خارجٌ إلى الصلاة، في شهر رمضان سنة أربعين، وكان له عدةُ أمراء، وكاتبه: عبدُ الله بنُ أبي رافع، وسعيدُ بن بحران، وقاضيه: شريحُ بنُ الحارث، وحاجبه: بِشْر مولاه، ثمّ قنبَرٌ مولاه.
ثمّ بويع بعده بالعراق لولدِه الحسن، فأقام إلى شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين، ثمّ سار إلى معاويةَ، ثمّ اصطلحا، وسلَّم الأمرَ إلى معاوية، ودفع إليه معاويةُ كلَّ ما أراد، وحقنَ الحسنُ دماء المسلمين، وحقق قولَ جده: "إِنَّ ابني هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ" (?)، وقولَه -عليه السلام-: "الْخِلاَفَةُ ثَلاثُونَ عَاماً، ثُمَّ يكُونُ مُلْكاً" (?)؛ فإن تمامَ الثلاثين بمدَّته، ولما خرجَ عنها لله، رجع إلى المدينة، فأقام بها حتى مات مسموماً، وكاتبُه كاتبُ أبيه، وقاضيه قاضي أبيه.