وقرأ بها على الشهاب بن الشريفة، عن المشايخ الثلاثة، أنا شيخُ الإسلام بنُ أبي عمر وغيرُه، أنا شيخُ الإسلام موفقُ الدينِ، أنا محمد، ثنا أحمدُ، ثنا سليمانُ بنُ أحمدَ، ثنا محمّدُ بنُ زكريا الغلابيُّ، ثنا أبو عمرَ الحرميُّ، ثنا الفضلُ بنُ الربيع، فذكره، وفيه: أن هارون قال له: هذه ألفُ دينار خذْها لك، فأنفقها، وتقوَّ على عبادة ربك، فقال: يا سبحان الله! أدلُّك على النجاة، وأنت تكافئني بمثل هذا؟! سلَّمك الله، ووفقك، ثم صَمَتَ فلم يكلِّمنا، فخرجنا من عندِه، فلمَّا أَنْ صرنا من عندِه على الباب، قال لي هارون: يا عباسي! إذا دَلَلْتَني على رجلٌ، فدُلَّني على مثلِ هذا، هذا سيدُ المسلمين اليوم.
قال غيرُ أبي عمَر: فبينما نحن كذلك، إذ دخلَتْ عليه امرأةٌ من نسائه، فقالت: يا هذا! قد ترى سوءَ ما نحن فيه من ضيق الحال، فلو قبلْتَ هذا المال، تَفَرَّجنا به، فقال: مثلي ومثلُكم كمثل قوم لهم بعير يأكلون من كَسْبه، فلما كبر، نحروه، وأكلوا لحمَه، فلما سمع هارونُ الكلام، قال: نرجعُ، فنسعى أن يقبل المال، قال: فدخل، فلمّا علم فُضيلٌ، خرج، فجلس على تراب في السطح على باب الغرفة، فجاء هارونُ فجلس إلي جنبه، فجعل يكلِّمه، فلم يجبهُ، فبينما نحن كذلك، إذ خرجت جاريةٌ سوداءُ، فقالتْ: يا هذا؟ لقد آذيتَ الشيخَ منذُ الليلة، فانصرِفْ -رحمك الله-، قال: فانصرفْنا (?).