وقال لي مرة واحدٌ منهم ذلك، فقلت له: وأينَ العدلُ؟! العدلُ كان في زمن عمر بن الخطاب، ومع ذلك كان لا يرى نفسه عادلًا، فما كان جوابه إلا أن قال -بجهلِه وكفرِه-: أنا أعدلُ من عمرَ بنِ الخطاب، وقلت له: كفرتَ واللهِ! فإن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد أخبرنا: أَنَّ أَحَدَنَا لَوْ أَنْفَقَ مِلْءَ الأرْضِ ذَهَبًا، ما بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ (?).
فقال: الله ما هو قادر أن يجعلني أعدلَ منه؟، فقلت له: القدرةُ صالحة لكل شيء، غير أنّ هذا من المحال، كما أن القدرة صالحةٌ لإيمان أبي جهل، وإيمانُه من المحال، والأمور التي قَدَّرَ الله أن لا تكون، ومن حدَّثته نفسه بذلك، فقد باء بإثمٍ عظيم، وكل هذا من ستر كَفَرَةِ فَجَرَةِ الفقهاءِ لهم، ونعتهم لهم أنهم علي العدل، وهم علي الظلم والجَوْر الذي ليس بعده ظُلم ولا جَوْر.
وسوف نذكر شروطَ العدل التي لا يوجد فيهم منها بعضُ واحد.
وقد أخبرنا جَدِّي، أنا الصلاحُ بنُ أبي عمرَ، أنا الفخر بنُ البخاريِّ، أنا ابن طَبرزذ، أنا القاضي أبو بكر، أنا القاضي أبو يعلي، أنا أبو الحسن البزاز، ثنا إبراهيمُ بنُ عبد الصمد، حدثني أبي، ثنا عليُّ بنُ عاصمٍ، ثنا عبدُ الله بنُ عثمانَ، حدثني عبدُ الرحمن بنُ سابط، ثنا جابرُ بنُ عبدِ الله، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يا كَعْبُ بْنَ