قولنا: المأمور به، بأن قال: المقتضى شرعا من غير لوم على تركه، فكأنه بقوله: المقتضى، تعرض إلى التخلص من الخلاف في كون المندوب إليه مأمورا به، فإنه وإن اختلف في كونه مأمورا به لم يختلف في كونه مقتضى.
أما المحظور فأصله في اللغة مأخوذ من المنع، ومنه قوله تعالى: (وما كان عطاء ربك محظورا)، يعني ممنوعا، ومنه قوله تعالى: (فكانوا كهشيم المحتظر)، يعني صاحب الحظيرة الزرع الذي حظر له ومنع منه حتى انصان.
وله عبارات، يقال: محظور، وممنوع، قال الله تعالى: (لا مقطوعة ولا ممنوعة)، وحرام قال الله تعالى: (وحرام على قريةٍ أهلكناها)، ومحجور قال الله تعالى: (ويقولن حجرًا محجورا) يعني حراما محرما.
وأما حده فمقلوب ما حددنا به الواجب، لأن المحرم هو ما نهى عنه نهيا جازما، كما أن الواجب هو ما أمر به أمرا جازما، فإذا كان حقيقة الواجب: ما تعلق الذم بتركه، كان حقيقة المحظور: ما تعلق اللوم بفعله.
وقد قال أبو المعالي: المحظور ما زجر الشرع عنه ولام على الإقدام عليه. وأنت إذا طالعت تلك العبارات التي قدمناها في الواجب، وعكستها فقد حددت المحظور.
أما المكروه فأصله في اللغة ضد المراد، والكراهة ضد الإرادة، وليس هذا المعنى هو المراد به في الشرعيات، لأنا لا نشترط في أوامر الله سبحانه أن يكون مريدا لما أمر به، ولا في نواهيه أن يكون كارها لما نهى عنه.
وأصل هذه الكلمة في اللغة مأخوذة من التنفير، ومعنى قوله تعالى: (وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان)، أي نفركم عنه وبغضكم فيه، كما قال الشاعر:
وإذا تكون كريهة أدعى لها ... وإذا بحاس الحيس يدعى جندب