وقد تصور هذا السؤال أيضا في رجل، إن أقام بمكانه مات عطشا، وإن تخطى عنه إلى الماء قتل من يمر عليه، فلا ينفك هذا من قتل نفسه أو قتل غيره. وبعض من تكلم على هذا السؤال رأى أن الواجب بقاؤه وإن مات، إذ ليس له أن يصون نفسه بإتلاف نفس غيره، ألا ترى أن المكره على قتل غيره لا يباح له قتله، ولو قتل إن لم يقتله.

وألحق الناس هذه المسائل بمسألة النازع فرجه من فرج الزانية معه، أو النازع فرجه من فرج زوجته، وفجر يومه من رمضان طالع حين النزع، واختلاف أصحاب مالك في إفساد صوم هذا الصائم، بهذا النزع المقارن إلى الفجر معلوم، فبعضهم رأى أن هذا النزع لما وقع بعد طلوع [الفجر] صار كابتداء الوطء بعد طلوع الفجر، ومنهم من يرى أن هذا النزع تنصل وخروج عن إفساد الصوم، والتنصل من الشيء خلاف الدخول فيه.

وقيد أبو المعالي هاهنا بتقييد فقال: لو كان وطؤه وهو يعلم أن الفجر يطلع حين نزعه على بعض [عسر في] تصور هذا لفسد صومه، لأنه يكون حينئذ كالمتحامل على التغرير بصيامه، بخلاف من قدر أن الفجر لا يطلع إلا بعد فراغه من هذا الشأن، فظهر الأمر على خلاف تقديره. وهذا الذي أشار إليه أبو المعالي إلى أن استدرك على الفقهاء لم يعقل الفقهاء أصله، وقد تكلموا على أحكام الآكل مع شكه في الفجر، وعلى مقارنة النية بعقد الصوم طلوع الفجر، وبسطوا من هذا في كتبهم ما يعلم منهم حكم هذا التقييم الذي قيد به أبو المعالي جوابه، وقد بسطنا [هـ] فيما أمليناه من كتب الفقه، والله ولي التوفيق.

فصل في تعلق الأمر والنهي/ بالفعل الواحد

فصل في تعلق الأمر والنهي/ بالفعل الواحد (ص 91)

من وجهين مختلفين

هذه مسألة اختلف الناس فيها، والمشهور من مذهب الجمهور أن ذلك صحيح، وقد تقدم بيانه في الكلام على الصلاة في الدار المغصوبة، وذهب ابن الجبائي إلى المخالفة في هذا الأصل، فقال ما حكيناه عنه في الصلاة في الدار المغصوبة، وكذلك أيضا أن السجود لله سبحانه طاعة مأمور بها، فإذا سجد للصنم فإن التحريم عنده إنما يتعلق بالقصد خاصة دون نفس السجود للصنم، وهذا مذهب متروك عليه، وإنما صار إليه، لأنه رأى أن السجود لله أمر بإحداث السجود واختراعه، ونفس الاختراع واحد لا يتعدد، ولا يتخلف باختلاف جهاته، وإذا كان إحداث السجود واحدا لا يختلف، فمحال أن يكون هذا الإحداث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015