القول في الأوامر يستدعي الكشف عن مائية الكلام بعبارتين مختلفتين:
- إحداهما تجري فيها مجرى الكشف بالتفصيل والتبيين، والعبارات الكاشفة للحقيقة، وإن لم يكن على شرط الحدود.
- والثانية الكشف على شريطة الحدود.
فأما الأول فإن الناس اختلفوا في مائية الكلام.
فقال النظام: هو جسم لطيف مسموع، يلج الهواء إذا انبعث من فم المتكلم، ولو جاء على جهة المداخلة من غير أن يستند بحيز، بناء منه على مذهبه الفاسد، في تجويز تداخل الجواهر، فإذا ولج في الهواء، ولج في المسامع، وهجم على الأرواح فأدرك.
واختلف قوله في حقيقة المدرك منه، فقال مرة: ذلك المنبعث بعينه يلج المسامع لا أكثر، وقال مرة أخرى لما علم أن مقتضى هذا الرأي ألا يسمع الكلام إلا الواحد الذي ولج الكلام في سمعه، أن الهواء يتشكل فيه أمثال ذلك الجسم الخارج من الفم، يتشكل من ذلك أعداد لا يعلم مبلغها إلا الله تعالى، فيلج في كل سمع، غير الذي ولج في سمع الآخر، وقال العلاف، وابن الجبائي وغيرهما: الكلام أصوات يقارنها حروف مسموعة، وهذه الحروف يقارن المكتوب منه والمحفوظ، إلا أنها غير مسموعة في الكتبة والحفظ.
وقال الجمهور من المعتزلة: الكلام هو الأصوات المقطعة ضربا من التقطيع، فالصوت الحاد (...) الطست، وما في معناه ليس بكلام وكلام الإنسان (...) طبع، ليس بكلام، لكنه جعلت له قدرة على تحريك (ص 69) فمه بحسب ما شاء على أوضاع مختلفة، وتصاك بعض أجزاء الفم البعض الآخر، على نسبة مختلفة أيضا، فيكون