مخصوصة من أفعال، وجهات. فليس قصر التسمية على بعض الأدعية المخصوصة مما قلناه، أو ما في معناه مما يوجب كون هذا تغييرا للغة، ومتى نازعنا في موارد العرب، وقلنا إنما تريد بهذه التسمية القبول والملازمة لم يكن للمخالف متعلق، في ذكره، لأن الركوع والسجود بمجرده، لا يحصل له هذه الحقيقة.
وهذا الجواب الثاني يتقرر في الصلاة خاصة، ويتمسك في بقية المسميات بالجواب الأول.
وأما من توسط بين المذهبي، فلم ينكر التغيير أصلا، ولا أثبته إطلاقا، فإنه تخيل هذين الأمرين، وكذا إن مراعاة الشرع للدعاء أو للقصد، أو للإمساك، تمسك بالمعنى اللغوي، وإطلاق التسمية عليه مع تلك الزيادات الشرعية، تغيير لما وضعته العرب.
واستعمل أبو المعالي في هذه المسألة المضايقة لأهل المذاهب، فقال: ثبت فيها قصر التسمية على بعض مسمياتها كما بيناه، وثبت أيضًا إطلاق الصلاة على الركوع والسجود توسعا واستعارة من الدعاء، لأن الداعي مقبل على خضوعه، والتماسه ما عند الله سبحانه، وكذلك الراكع، والساجد، والعرب تسمي الشيء باسم ما لازمه، وتعلق به، فإن أشير بالتغيير إلى القصر أو التجوز فلا وجه لإنكاره، وإن أشير بالتغيير إلى معنى آخر سواه فهو باطل.
وهذا الذي أشار إليه أبو المعالي من القصر قد بينا أنه ليس بتغيير أصلا، وكذلك التجوز هاهنا إن فهم عن العرب إطلاق اسم الشيء على ما لازمه على الإطلاق، أو في ما كان معناه مثل هذا المعنى من الملازمة التي بين الركوع والدعاء لم يكن هذا أيضًا تغييرا، ولا قياسا على اللغة، كما تقدم بيانه في تسمية الإنسان منا إنسانا، أن هذا ليس بقياس، بل هو نقل عنهم لما فهم منهم.
وأنت إذا علمت هذا الفصل فاعلم أنه:
زعم قوم آخرون أن حروفا ونظاما معلوما استعمله الشرع في غير معانيه في اللغة.
وكذلك زعم قوم أن الشرع وردت [فيه] كلمات ليس بصيغ عربية، وأضافوا ذلك إلى القرآن، وعدوا منه: استبرق، ومشكاة، إلى غير ذلك مما ذكروه.
وجمهور العلماء على إنكار هذا لقوله تعالى في وصل القرآن: (ولو جعلناه قرءانًا أعجميًا لقالوا لولا فصلت آياته) فكأنه يقول سبحانه: لو مزجناه بلغة العجم لقالت الكفرة افتقر إلى الاستمداد من لغة أخرى وعجز عن العربية، وهذا يمنع من كون شي من لسان العجم