وقولهم ههنا إن أردنا إلا الحسنى: هو كقولهم (إنما نحن مصلحون).
قال الله تعالى (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون).
ومن إفساد المنافقين أيضا: همهم بالفتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قفل من غزوة تبوك. قال ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة ابن الزبير قال لما قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك إلى المدينة همّ جماعة من المنافقين بالفتك به, وأن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق, فأخبر بخبرهم فأمر الناس بالمسير من الوادي وصعد هو العقبة وسلكها معه أولئك النفر وقد تلثموا, وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أن يمشيا معه, عمار آخذ بزمام الناقة وحذيفة يسوقها, فبينما هم يسيرون «سمعوا بالقوم قد غشوهم, فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبصر حذيفة غضبه فرجع إليهم ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم بمحجنه, فلما رأوا حذيفة ظنوا أن قد أظهر ما أضمروه من الأمر العظيم فأسرعوا حتى خالطوا الناس, وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهما فأسرعا حتى قطعوا العقبة ووقفوا ينتظرون الناس, ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحذيفة: «هل عرفت هؤلاء القوم؟» قال ما عرفت إلا رواحلهم في ظلمة الليل حين غشيتهم. ثم قال: «علمتما ما كان من شأن هؤلاء الركب؟» قالا: لا, فأخبرهما بما كانوا تمالؤوا عليه, وسماهم لهما واستكتمهما ذلك, فقالا يا رسول الله أفلا تأمر بقتلهم؟ فقال: «أكره أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه» وهكذا ذكره ابن كثير في تاريخه.