{لِوَالِدَيْهِ} {آمِنْ} {أَسَاطِيرُ}
(17) - بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَعَالى حَالَ البَرَرَةِ الصَّالحينَ، وَما أَعَدَّهُ لَهُمْ مِنَ النَّعِيم في الدُّنيا وَالآخِرَةِ، جَاءَ عَلَى ذِكْرِ الأَشْقِيَاءِ أَهْلِ العُقُوقِ لِلْوَالِدَينِ، المُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ والنُّشُورِ، فَأَخْبَرَ تَعَالى: أَنّ الذِي أَجَابَ وَالديهِ حِينَما دَعَواهُ إِلى الإِيمَانِ باللهِ والإِقْرارِ بالبَعْثِ وَالحِسَابِ: أُفٍّ لَكُما، أَتَقُولاَنِ إِنَّني سأُبْعَثُ مِنْ قَبْرِي حَيّاً بَعْدَ مَوتِي، وَبَعْدَ أَنْ أَصِير تُراباً وَرَمِيماً؟ إِنَّ هَذا لأَمْرٌ لا يُصدَّقُ، فَهذِهِ أَجْيَالٌ مِنَ البَشَرِ مَضَتْ، وَأُمَمٌ قَدْ خَلَتْ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا أَحَدٌ، وَلَوَ كُنْتُ مَبُعُوثاً بَعْدَ مَوتي لَكَانَ بُعِثَ مَنْ مَضَى مِنَ الأُمَمِ الغَابِرَةِ. وَقَدِ استَغَاثَ وَالِدَاهُ بِاللهِ استِعْظَاماً لجُرمِهِ، وَقَالاَ لَهُ، وَهُما يَحُثَّانِهِ عَلَى الإِيمَانِ بِاللهِ: هَلَكْتَ إِنْ لَمْ تُؤْمِنْ بِما وَعَدَ اللهُ مِنَ المَعَادِ مِنْ بَعْدِ المَوتِ، ثُمَّ بِالحِسَابِ وبِالجَزَاءِ عَلى الأَعْمالِ، فَوَعْدُ اللهِ حَقٌ لاَ شَكَّ فِيهِ، واللهُ تَعالى لا يُخْلِفُ وَعْدَه أبداً. وَيَرُدُّ الوَلَدُ عَلى نَصِيحَةِ وَالِدَيهِ قَائِلاً: إِنَّ مَا يَقُولاَنِهُ لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ شَيءٌ مِمَّا سَطَّرهُ الأَوَّلُونَ مِنْ أَبَاطِيلهِمْ، وَلا ظِلَّ لَهُ مِنَ الحَقِيقَةِ.
أُفٍّ لَكُما - أفٍّ كَلِمَةُ تَضَجُّرٍ وَتَبَرُّمٍ بِما يَقُولاَنِ. وَهِيَ اسْمُ فِعْلٍ مُضَارِعٍ.
أَنْ أُخْرَجَ - أَن أُبْعَثَ مِنْ قَبْرِي بَعْد َأَنْ تَصِيرَ عِظامي رَميماً.
خَلَتِ القُرُونَ - مَضَتِ الأُمَمُ وَلَمْ تُبْعَثْ.
وَيْلَكَ - هَلَكْتَ، وَهِيَ هُنَا تَعنِي حَثَّهُ عَلَى الإِيمَانِ.
أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ - قَصَصُ الأَوَّلِينَ وَخُرَافَاتُهُمْ المَسْطُورَةُ في كُتِبِهمْ.