{لِلْمَلاَئِكَةِ} {الكافرين} {لأَدَمََ}
(34) بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَ اللهُ تَعَالَى المَلاَئِكَةَ بِمَكَانَةِ آدَمَ، وَأَنَّهُ جَعَلَهُ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ، أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَسْجُدُوا لآدَمَ سُجُودَ خُضُوعٍ لاَ سُجُودَ عِبَادَةٍ، تَكْرِيماً لَهُ، وَاعْتِرافاً بِفَضْلِهِ، وَاعْتِذاراً عَمَّا قَالُوهُ في شَأْنِهِ، فَسَجَدُوا، إِلا إِبليسَ فَقَدْ دَاخَلَهُ الحَسَدُ وَالكِبْرُ مِمَّا امْتَنَّ اللهُ بِهِ عَلَى آدَمَ مِنَ الكَرَامَةٍ، فَأَبى أَنْ يَسْجُدَ، وَصَارَ مِنَ الكَافِرِينَ بِعِصْيَانِهِ أَمْرَ اللهِ.
(وَهُنَاكَ مُفَسِّرُونَ يَرَوْنَ أَنَّ الأَرْضَ كَانَ يَعْمُرُها، قَبْلَ آدَم وَذُرِّيَّتِهِ، خَلْقٌ آخرونَ انْقَرَضُوا بَعْدَ أَنْ أَفْسَدُوا فِي الأَرْضِ، وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، فَأَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُحِلَّ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ مَحَلَّ أُولئِكَ الخَلْقِ. وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى ذلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالى، بَعْدَ ذِكْرِ هَلاَكِ القُرُونِ: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأرض مِن بَعْدِهِم} وَمِنْ سُؤَالِ المَلاَئِكَةِ للهِ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدمآء} قِيَاساً عَلَى مَنْ كَانَ فِي الأَرْضِ قَبْلَ آدَمَ مِنَ المَخْلُوقَاتِ التِي سَفَكَتِ الدِّمَاءَ.
(وَهُنَاكَ مُفَسِّرُونَ آخَرُونَ يَرَوْنَ أَنَّ المُرادَ بالخِلاَفَةِ، الخِلاَفَةُ عَنِ اللهِ في تَنْفِيدِ أَوَامِرِهِ بَينَ النَّاسِ، وَهذا الاسْتِخْلاَفُ يِشْمَلُ اسْتِخْلاَفَ بَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ بِأَنْ يُوحِيَ بِشَرَائِعِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ أُنَاسٍ مِنْهُمْ، يَصْطَفِيهِمْ لِيَكُونُوا خُلَفَاءَ عَنْهُ) .
اسْتَكْبَرَ - أَظْهَرَ الكِبْرَ وَالتَّرَفُّعَ.