{كالأنعام}
(44) - هَلْ تَطُنُّ يا محمدُ أنَّ هؤلاءِ المُشرِكينَ يَسمَعُون أو يَعْقِلونَ؟ إنهم في الحَقيقَةِ لا يَسْمعُونَ حقَّ السَّماعِ، ولا يُدْرِكُون حقَّ الإِدْرَاكِ ولا يفْهَمُونَ فَهْما صَحِيحاً ما تَتْلُوه عليْهِمْ مِنَ الآياتِ والمواعظِ الداعِيَةِ إلى الإيمانِ وإلى الخَيْرِ، حَتَّى تَجْتَهِدَ في دَعْوَتِهِمْ، وتَحْفِلَ بِإرشَادِهِمْ، وتذكيرِهِمْ، وتَطْمَعَ في إيمَانِهِمْ، فَهُمْ أَسْوَأُ من الأنْعَامِ السَّارِحَةِ، وأضَلُّ سَبيلاً، لأنَّ الأنْعَامَ السَّارِحَةَ تنقَادُ لصَاحِبِها الذي يَتَعَهَّدُهَا، وتعرفُ مَنْ يُحْسِنُ إليها ومن يُسيءُ، وتطلبُ ما يَنفَعُها، وتَجتنبُ ما يَضرُّها، وتَهتدِي لمَرْعَاها ومَشْرَبِها.
أما هؤلاءِ المُشركونَ فإنهمْ لا يَنْقادُونَ لَخَالِقِهِمْ وبارِئِهم، ولا يَعْرِفُونَ إحْسَانَهُ إليهم، ولا يعْرِفُونَ إساءَةَ الشيطانِ وعَدَاوتَهُ لَهُم، وهوَ الذي يزيِّنُ لهمُ الكُفْرَ واتِّباعَ الشَّهَواتِ.