{الكتاب}
(16) - وَبَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى قِصَّةَ زَكَرِيَّا فِي إِيْجَادِ وَلَدٍ لَهُ بَعْدَ أَنْ كَبِرَ وَشَاخَ، وَامْرَأَتُهُ عَاقِرٌ لاَ تَلِدُ، أَتَى عَلَى ذِكْرِ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ، وَوِلاَدَةِ وَلَدٍ لَهَا مِنْ غَيْرِ أَبٍ. وَفِي كِلاَ الأَمْرَيْنِ دَلاَلَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى عَظَمَةِ الخَالِقِ وَقُدْرَتِهِ.
وَمَرْيَمُ هِيَ بِنْتُ عِمْرَانَ مِنْ سُلاَلَةِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَكَانَتْ مَرْيَمُ مِنْ بَيْتٍ طَيبٍ طَاهِرٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَذَكَرَ اللهُ تَعَالَى نَشْأَتَها فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، فَكَانَتْ إِحْدَى العَابِدَاتِ النَّاسِكَاتِ، وَكَانَتْ فِي كَفَالَةِ زَوْجِ خَالَتِهَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلاَمُ. فَلَمَّا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى - وَلَهُ الحِكْمَةُ البَالِغَةُ - أَنْ يُوجِدَ مِنْهَا وَلَداً مِنْ غَيْرِ أَبٍ، انْتَحَتْ (انْتَبَذَتْ) عَنْ أَمَاكِنِ أَهْلِهَا، وَاتَّخَذَتْ لَهَا مَكَاناً يَقَعْ شَرْقِيَّ أَمَاكِنِهِمْ (مَكَاناً شَرْقِيّاً) .
(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ النَّصَارَى اتَّخَذُوا المَشْرِقَ قِبْلَةً لَهُمْ لأنَّ المَشْرِقَ كَانَ مَكَانَ مِيلاَدِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ) .
انْتَبَذَتْ - اعْتَزَلَتْ وَانْفَرَدَتْ.