111

{الألباب}

(111) - لَقَدْ كَانَ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ مَعَ أَبِيهِ وَإِخْوَتِهِ عِبْرَةٌ لِذَوِي العُقُولِ وَالأَلْبَابِ، لأَنَّهُمْ هُمُ الذِينَ يَعْتَبِرُونَ بِعَوَاقِبِ الأُمُورِ التِي تَدُلُّ عَلَيْهَا أَوَائِلُهَا وَمُقَدِّمَاتُها، وَجِهَةُ الاعْتِبَارِ فِي هَذِهِ القِصَّةِ أَنَّ الذِي قَدَرَ عَلَى إِنْجَاءِ يُوسُفَ بَعْدَ إِلْقَائِهِ فِي غَيَابَةِ الجُبِّ، وَإِعْلاَءِ شَأْنِهِ، حَتَّى أَصْبَحَ عَزِيزَ مِصْرَ، وَرَئِيسَ وُزَرَائِهَا، بَعْدَ أَنْ بِيعَ بِالثَّمَنِ البَخْسِ، وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ لَهُ بَعْدَ الحَبْسِ وَالسِّجْنِ، وَجَمْعِ شَمْلِهِ مَعَ أَبِيهِ وَإِخْوَتِهِ. . . لَقَادِرٌ عَلَى إِعْزَازِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَإِعْلاَءِ كَلِمَتِهِ، وَإِظْهَارِ دِينِهِ.

وَمَا كَانَ هَذَا القَصَصُ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَيُخْتَلَقُ لأَنَّهُ أَعْجَزَ رُوَاةَ الأَخْبَارِ، فَهُوَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ، وَبُرْهَانٌ قَاهِرٌ، عَلَى أَنَّهُ جَاءَ بِطَرِيقِ الوَحْيِ وَالتَّنْزِيلِ، وَقَدْ جَاءَ مُصَدِّقاً لِمَا جَاءَتْ بِهِ الكُتُبُ السَّمَاوِيَّةُ السَّابِقَةُ المُنَزَّلَةُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ لِلأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَالوَعْدِ وَالوَعِيدِ، وَهُوَ هُدًى لِمَنْ تَدَبَّرَهُ، وَأَمْعَنَ النَّظَرَ فِيهِ، وَتَلاَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ، وَهُوَ رَحْمَةٌ عَامَّةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ الذِينَ تَنْفُذُ فِيهِمْ شَرَائِعُهُ، فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.

عِبْرَةٌ - عِظَةٌ وَتَذْكِرَةٌ.

يُفْتَرى - يُخْتَلَقُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015