أولاً: مصادره:
إن مما لاشك فيه أن ابن مالك لم يبلغ ما بلغه من سعة الاطلاع وغزارة العلم والتمكن من نواصي فنون اللغة العربية إلا بعد أن استوعب جل ما سطرته أقلام سابقيه وفاحت به قرائح معاصريه، وإن المطلع على مؤلفاته ليدرك ذلك جلياً وقد ذكر العلماء أنه ـ رحمه الله ـ "كان كثير المطالعة سريع المراجعة لا يكتب شيئاً من محفوظه حتى يراجعه في محله"1.
ولاشك أن هذا الكتاب من آثار تلك المطالعات وثمار تلك المراجعات، فإنه قد تضمن كثيراً من آراء العلماء وأقوالهم، إلا أنه خلا من التصريح بأسماء المصادر التي استمد منها مادته باستنثاء مرجع واحد هو "تصريف الأخفش" الذي ورد التصريح به، غير أن التصريح بأسماء أصحاب الآراء مكننا من إرجاع كثير منها إلى مؤلفاتهم وقد بينا ذلك في حواشي التحقيق.
يبقى أننا لا نستطيع الجزم بأن نقل ابن مالك من تلك المراجع كان مباشراً بل يحتمل أن يكون بواسطة وإن كان تعبيره أحياناً يوحي بالمباشرة وذلك من مثل قوله: (وهما أصلان بنص سيبويه) 2.
وقوله: (وحكى يعقوب: لقيت منه الفتكرين) 3.
وقوله: (حكى ذلك أبوزيد) 4.
وقوله: (حكاه ابن القطاع) 5.