وَذَلِكَ أَن كثرتهم عَلَيْهِم السَّلَام قد علمت لأهل الْعلم بتواريخ الْعَالم وأخبار الامم واشتهرت لمن كَانَ أقل بحثا وخبرة بِهَذِهِ الْعُلُوم وَورد فِي الاخبار أَنهم عَلَيْهِم السَّلَام مائَة ألف وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألفا وَكتب الله الَّتِي جاؤا بهَا مائَة كتاب وَأَرْبَعَة كتب رَوَاهُ ابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي ذَر بِسَنَدَيْنِ حسنين وتواترت كثرتهم فِي الْجُمْلَة وَلَا شكّ أَن الْجمع الْعَظِيم مَتى تَفَرَّقت أوطانهم وقبائلهم وأغراضهم وأزمانهم ومذاهبهم وَلم يَكُونُوا من أهل الصناعات النظرية والرياضات الفلسفية والقوانين المنطقية ثمَّ اتَّفقُوا على الْقطع بِصِحَّة أَمر لَا دَاعِي لَهُ وَلَا مَانع مِنْهُ بِحَيْثُ لَو اجْتمع عُيُون الفطناء وحذاق الأذكياء ومهرة الْعلمَاء على وَاحِد مِنْهُم يشككون عَلَيْهِ فِي اعْتِقَاده لم يرفع إِلَيْهِم رَأْسا وَلم يلْتَفت إِلَيْهِم أصلا فَعلمنَا علما تجربيا ضَرُورِيًّا أَنهم مَا تواطئوا على التعمد للمباهتة والتجري على التَّدْلِيس والمغالطة وَأَنه مَا جمع متفرقات عقائدهم وَألف نوافر طباعهم وربط بَين جوامح مختلفات اختياراتهم وعصمهم عَن مُتَابعَة سنة الْعُقَلَاء فِي اخْتِلَاف مذاهبهم مَعَ طول أنظارهم إِلَّا صدق مَا ادعوهُ من شرِيف علمهمْ وحالهم وَصِحَّة مَا بنوا عَلَيْهِ دينهم ويقينهم من استناد هَذِه العوالم وَالْخَلَائِق والْآثَار والحوادث إِلَى رب عَظِيم ومدبر حَكِيم واضطراره لَهُم بالمعجزات والقرائن إِلَى الِاجْتِمَاع على هَذَا الدّين القويم والشأن الْعَظِيم وَحِينَئِذٍ لَا تردد الْعُقُول وَلَا توقف الاذهان عَن الْجَزْم بصدقهم وثلج الصُّدُور لصِحَّة خبرهم فَكيف إِذا عضد هَذَا الْجَمِيع الْعَظِيم من الْبَرَاهِين النيرة والقرائن الْوَاضِحَة والشواهد الصادقة مَا لم يحصره