عمر بن عبد الْبر فِي كِتَابه التَّمْهِيد وَهُوَ من أَئِمَّة السّنة وَاخْتَارَهُ غير وَاحِد مِنْهُم دع عَنْك خصومهم فِي ذَلِك من الشِّيعَة والمعتزلة
وَاحْتج النَّوَوِيّ وَغَيره على ذَلِك بقوله تَعَالَى {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} وَبِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن سَمُرَة فِي حَدِيثه الطَّوِيل وَفِيه ذكر رُؤْيا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله وفيهَا مَا لَفظه وَالشَّيْخ فِي أصل الشَّجَرَة ابراهيم عَلَيْهِ السَّلَام وَالصبيان حوله أَوْلَاد قَالُوا يَا رَسُول الله وَأَوْلَاد الْمُشْركين قَالَ وَأَوْلَاد الْمُشْركين وَهَذَا نَص فِي مَوضِع النزاع من أصح كتب الاسلام عِنْد أَئِمَّة الحَدِيث وَأما كَونه رُؤْيا فَلَا يضر لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن رُؤْيا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَحي وَحقّ وَلذَلِك عزم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام على ذبح وَلَده بِسَبَبِهَا وَهَذَا إِجْمَاع وَثَانِيهمَا أَن هَذَا السُّؤَال عَن أَوْلَاد الْمُشْركين وَجَوَابه كَانَ فِي الْيَقَظَة لَا فِي الرُّؤْيَا
وَقد أوضحت فِي العواصم أَنه لم يَصح فِي تَعْذِيب الْأَطْفَال بِغَيْر ذَنْب مِنْهُم حَدِيث قطّ وَلَا صَحَّ ذَلِك عَمَّن ينظر اليه من أَئِمَّة السّنة وَإِنَّمَا قَالَت طوائف مِنْهُم بأقوال مُحْتَملَة مِنْهَا أَن الله تَعَالَى يكمل عقول الصّبيان ويكلفهم فِي عَرصَة من عرصات يَوْم الْقِيَامَة بتكيلف يُنَاسب ذَلِك الْيَوْم مثل مَا روى أَنه يخرج لَهُم عنقًا من النَّار فيأمرهم بورودها فَمن كَانَ سعيدا فِي علم الله تَعَالَى لَو أدْرك الْعَمَل وردهَا فَكَانَت عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا وَمن كَانَ شقيا فِي علم الله تَعَالَى لَو أدْرك الْعَمَل امْتنع وَعصى فَيَقُول الله تَعَالَى لَهُم عصيتموني الْيَوْم كَيفَ رُسُلِي لَو أتتكم أَو كَمَا ورد
وَسبب مصير من صَار مِنْهُم إِلَى هَذَا القَوْل أَحَادِيث كَثِيرَة وَردت بذلك مِنْهَا عَن أبي سعيد وَأنس ومعاذ والاسود بن سريع وَأبي هُرَيْرَة وثوبان وروى ذَلِك أَيْضا أَحْمد بن عِيسَى بن زيد بن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام عَن جده زيد بن عَليّ ذكره صَاحب الْجَامِع الْكَافِي وَقَالَ السُّبْكِيّ فِي كِتَابه فِي ذَلِك أَن أَسَانِيد هَذِه الْأَحَادِيث صَالِحَة
قلت وفسروا بِهَذِهِ الاحاديث حَدِيث الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين وَهُوَ الَّذِي اتّفق على صِحَّته فِي الْبَاب وَسنة الله فِي إِقَامَة الْحجَج على خلقه