(يُرِيد الْمَرْء أَن يُعْطي مناه ... ويأبى الله إِلَّا مَا أَرَادَا)
وَالْبَيْت عَرَبِيّ فصيح من شعر الحماسة وعَلى الْجُمْلَة أَن هَذَا نقل لمَذْهَب الأشعرية من بَصِير بِهِ بل من إِمَام فِيهِ فقد صَحَّ أَن هَذَا مَذْهَبهم سَوَاء كَانَ صَحِيحا أَو بَاطِلا قَوِيا أَو ضَعِيفا وعبارتهم فِي جَمِيع تصرفاتهم فِي تَأْوِيل الْآيَات وَالْأَحَادِيث مُخَالفَة لهَذَا ومصرحة بارادة الْمعاصِي فحين علمنَا أَن هَذَا حَقِيقَة قَوْلهم وَإِن ذَلِك مجَاز لم نوجب حملهَا على الْحَقِيقَة بل لم نجوز ذَلِك كَمَا أَن الزَّمَخْشَرِيّ قَالَ إِن الله يَأْمر بِالْفِسْقِ مجَازًا فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {وَإِذا أردنَا أَن نهلك قَرْيَة أمرنَا مُتْرَفِيهَا ففسقوا فِيهَا} وَمَعَ ذَلِك لَا يحل لمُسلم أَن يحملهُ على الْحَقِيقَة لما كَانَ قد نَص على أَن ذَلِك مجَاز فَكَذَلِك هَؤُلَاءِ وَلَكِن هَذَا مِنْهُم مُجَرّد لجاج وَشدَّة مراء وجدل قابلوا بِهِ مَا وَقع من خصومهم من مثل ذَلِك وَقد نهى الله تَعَالَى عَن التَّفْرِيق بِنَصّ الْقُرْآن وَإِجْمَاع الْمُسلمين فَوَاجِب على كل من عرف هَذَا من الْفَرِيقَيْنِ ترك هَذِه الْعَادة الْمَكْرُوهَة فِي ابتداع الْعبارَات المفرقة بَين الْجَمَاعَة والمخالفة للطاعة وَلذَلِك نهى الامام ابراهيم بن عبد الله بن الْحسن عَن تَسْمِيَة الْفرق بِهَذِهِ الاسماء المبتدعة وَأمر أَن يسموا بِالْمُسْلِمين فانهم إِذا اجْتَمعُوا فِي ذَلِك بِهَذِهِ الاسماء المبتدعة وَأمر أَن يسموا بِالْمُسْلِمين فانهم إِذا اجْتَمعُوا فِي ذَلِك كَانَ أدعى إِلَى محو آثَار الحمية وَترك التعادي والعصبية وَلذَلِك أثنى الله تَعَالَى على الَّذين يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا ولاخواننا الَّذين سبقُونَا بالايمان وَلَا تجْعَل فِي قُلُوبنَا غلا للَّذين آمنُوا رَبنَا إِنَّك رؤوف رَحِيم
وَقد كنت هَمَمْت أَن أقتصر على هَذَا الْبَحْث فِي هَذِه الْمَسْأَلَة ثمَّ رَجَوْت أَن يكون فِي ذكر سَائِر المباحث مزِيد فَائِدَة وَإِلَّا فَهَذَا أنفعها وأجلها وَهُوَ يَكْفِي صَاحب الْجمل إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقد بَالغ فِي تَحْرِيم التَّفَرُّق وَترك التَّكْفِير بالاختلاف فِي مسَائِل الْكَلَام مُحَمَّد بن مَنْصُور الْكُوفِي محب أهل الْبَيْت وصنف فِيهِ كتاب الْجُمْلَة والالفة فأجاد رَحمَه الله تَعَالَى وَنقل فِيهِ القَوْل المفيدة عَن كبراء أهل الْبَيْت عَلَيْهِم السَّلَام بِاخْتِيَار ذَلِك وَنقل صَاحب الْجَامِع الْكَافِي مِنْهُ جملَة شافية فِي آخِره يَنْبَغِي مَعْرفَتهَا ذكرهَا فِي مَسْأَلَة الْقُرْآن ومذاهب النَّاس فِيهِ