) فليتق طَالب الْحق أَمْثَال ذَلِك وَليكن مِنْهُ على أَشد حذر
وَلذَلِك تَجِد هَذَا الْجِنْس متمسك أَكثر أهل الضلالات وَلَا تَجِد صَاحب بَاطِل وَلَا تَجِد فِي العمومات مَا يساعده حَتَّى منكري الضرورات كغلاة الاتحادية فانهم قد تمسكوا بِتَصْدِيق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقَوْله لبيد
(أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل ... وكل نعيم لَا محَالة زائل)
وَقد اخْتَار هَذَا صَاحب الْفِقْه الْأَكْبَر وَنسبه إِلَى الشَّافِعِي وَهُوَ على مَذْهَب الأشعرية وَعقد لَهُ فصلا قَالَ فِيهِ لَا يُقَال أَن الله تَعَالَى يُرِيد الْكفْر وَسَائِر الْمعاصِي على الاطلاق لِأَنَّهُ يُوهم الْخَطَأ لَكِن نقُول أَن جَمِيع مَا يجْرِي فِي سُلْطَانه بارادته إِلَى قَوْله وَيجب الِاحْتِرَاز عَمَّا يُوهم الْخَطَأ كَمَا يجب عَن الْخَطَأ نَفسه وَمَا أحسن هَذَا لَو لزم عبارَة الْكتاب وَالسّنة فَقَالَ {وَلَو شَاءَ الله مَا فَعَلُوهُ} مَكَان قَوْله جَمِيع مَا يجْرِي فِي سُلْطَانه بارادته لِأَن كَلَام الله تَعَالَى يسْتَلْزم كَمَال الْعِزَّة وَالْقُدْرَة وَكَلَامه يسْتَلْزم ارادة الْكفْر وَذَلِكَ عين مَا فر مِنْهُ وَهُوَ يسْتَلْزم حب الْكفْر وَالرِّضَا بِهِ أَو يُوهِمهُ وَذَلِكَ يسْتَلْزم الامر بِهِ وإباحته أَو يُوهِمهُ كَمَا مر تَحْقِيقه فِي الْبَحْث الثَّانِي فَرَاجعه مِنْهُ وَقد صرح بِوُجُوب الاجتناب لما يُوهم الْخَطَأ كوجوب الاجتناب للخطأ نَفسه وَلَا شكّ أَن عِبَارَته توهم الَّذِي خافه وفر مِنْهُ بل يستلزمه تحقيقها وَذَلِكَ لِأَنَّهَا مبتدعة فَلَزِمَ مَا ذَكرْنَاهُ من ترك الْبدع أَلا ترى كَيفَ ورد النَّص والاجماع بِأَنَّهُ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وَلم يرد أَنه لَا كفر وَلَا مَعْصِيّة إِلَّا بِاللَّه فَبين الْعبارَات أبعد مِمَّا بَين الارضين وَالسَّمَوَات وَحَدِيث مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن مَحْمُول على مَا تمكن مَشِيئَته لَهُ وَلَا تمْتَنع وَلَفظه يُعْطي ذَلِك
وَإِنَّمَا أَحْبَبْت أَن أنبه عَلَيْهِ وعَلى أَنه إِجْمَاع فِي صُورَتَيْنِ احداهما أَنه لَا يدْخل فِي ذَلِك الْمحَال فِي نَفسه كوجود ثَان فِي الربوبية وَجعل أَنه لَا يدْخل فِي ذَلِك الْمحَال الْحَوَادِث بعد حدوثها قديمَة وَنَحْو ذَلِك وَثَانِيهمَا