ذَلِك فِي حَدِيث الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام حِين جعل يَدْعُو عَليّ من رَآهُ يَعْصِي الله فوحي الله اليه يَا إِبْرَاهِيم دع عبَادي فان قصر عبدى مني احدي ثَلَاث اما أَن يَتُوب فأتوب عَلَيْهِ أَو يستغفرني فَأغْفِر لَهُ أَو أخرج من صلبه من يعبدني رَوَاهُ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَالطَّبَرَانِيّ
فَثَبت أَن الانسان مَا يُؤْتِي فِي توهمه نفي حِكْمَة الله إِلَّا من جِهَة جَهله لقدر علمه وَقدر علم الله تعالي وَإِنَّمَا كره علم الْكَلَام لما يُؤَدِّي اليه الْخَوْض فِيهِ من المحارات وَمُخَالفَة الضرورات أَو المشهورات أَلا تري أَن الْمُتَكَلِّمين لما توغلوا فِي هَذِه المباحث أُدي ذَلِك طَائِفَة مِنْهُم إِلَيّ الْقدح فِي الْحِكْمَة وَطَائِفَة إِلَيّ الْقدح فِي الْقُدْرَة عَليّ هِدَايَة العصاة وَطَائِفَة إِلَيّ الْقدح فِي دوَام الْعَذَاب ورجحت كل طَائِفَة تَأْوِيلهَا
أما غلاة الأشعرية الَّذين قَدَحُوا فِي معني الْحِكْمَة فرجحوا ذَلِك لصعوبة النّظر فِي حِكْمَة الله تعالي فِي جَمِيع الشرور الدُّنْيَوِيَّة والأخروية وَعجز الْعُقُول عَن دَرك ذَلِك وَأما غلاة الْمُعْتَزلَة فرجحوا قدحهم فِي الْقُدْرَة على اللطف أَنه قد خَاضَ فِي أَمر معِين يحْتَمل أَنه محَال وَلَا بُد من اخراج الْمحَال من المقدورات بالاجماع وَإِلَّا أُدي إِلَيّ تجوير قلب الْقَدِيم حَادِثا والحادث قَدِيما وَغير ذَلِك مِمَّا يستقبح ذكره وَقد أَشَارَ الْغَزالِيّ إِلَيّ مثل كَلَامهم فِي شرح الرَّحْمَن الرَّحِيم من الْمَقْصد الأمني
وَأما الأشعرية فقدحوا فِي الْحِكْمَة بأسرها فَكَانَ مَا ذهبت اليه الْمُعْتَزلَة أَهْون من هَذِه الْجِهَة
وَأما ابْن تَيْمِية وَأَصْحَابه فَرَأَوْا أَن الْقدح فِي الْحِكْمَة وَالْقُدْرَة يتَطَرَّق إِلَيّ النَّقْص فِي كَمَال الربوبية وَذَلِكَ يحْتَمل الْكفْر ويضارعه أَو يقرب مِنْهُ وَأما دوَام الْعَذَاب فالقدح فِيهِ عِنْدهم سهل بعد وُرُود الِاسْتِثْنَاء فِي غير آيَة وَحَدِيث وَأثر ومنتهاه تَخْصِيص عُمُوم بِمَا يَقْتَضِي زِيَادَة الرَّحْمَة وَالْحكمَة وَالْعدْل وَالثنَاء
ولي عَليّ الْجَمِيع كَلَام طَوِيل وَقد أَشرت إِلَيّ أَقْوَالهم وشبههم فِي الإجادة بأقصر عبارَة فَقلت فِي ذَلِك شعرًا