اعْلَم أَنه قد تكلم على مَعَانِيهَا جمَاعَة من أهل الْعلم وَالتَّفْسِير وأكثرها وَاضح والعصمة فِيهَا عدم التَّشْبِيه واعتقاد أَن المُرَاد بهَا أكمل مَعَانِيهَا الْكَمَال الَّذِي لَا يُحِيط بحقيقته إِلَّا الله تَعَالَى كَمَا يَأْتِي بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى ولابد من الاشارة هُنَا إِلَى أَمر جملي وَهُوَ أصل عَظِيم وَبَيَان نفع مَعْرفَته فِي تَفْسِير اسْمَيْنِ مِمَّا ورد مِنْهَا اسْم من صحيحها وَاسم من الْمُخْتَلف فِي صِحَّته مِنْهَا
أما الاصل الْعَظِيم فَهُوَ تَفْسِير الْحسنى جملَة وَذَلِكَ أَنَّهَا جمع الاحسن لَا جمع الْحسن وَتَحْت هَذَا سر نَفِيس وَذَلِكَ أَن الْحسن من صِفَات الالفاظ وَمن صِفَات الْمعَانِي فَكل لفظ لَهُ مَعْنيانِ حسن وَأحسن فَالْمُرَاد الاحسن مِنْهُمَا حَتَّى يَصح جمعه على حسنى وَلَا يُفَسر بالْحسنِ مِنْهُمَا إِلَّا الاحسن لهَذَا الْوَجْه
مِثَال الاول وَهُوَ اللَّفْظ الَّذِي لَهُ مَعْنيانِ اسْم النُّور وَقد ثَبت فِي سُورَة النُّور {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي دُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قيام اللَّيْل وَلَك الْحَمد أَنْت نور السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَهَذَا الِاسْم الشريف لَهُ مَعْنيانِ معلومان لَا خلاف فيهمَا وهما نور الابصار وَنور البصائر وَلَا خلاف بَين الْعُقَلَاء أَجْمَعِينَ دع عَنْك الْمُسلمين ان نور البصائر هُوَ أشرفهما وأكرمهما وخيرهما وأحسنهما وَذَلِكَ مَعْلُوم من ضَرُورَة الْعقل وَالدّين وَلذَلِك قَالَ الله تَعَالَى فِي بَيَان تَعْظِيمه وتشريفه وتكريمه {فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار وَلَكِن تعمى الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور} أَي لَا تعمي الابصار الْعمي الضار الضّر المذموم المستعاذ مِنْهُ المهلك لمن وَقع فِيهِ وَإِنَّمَا تعمي هَذَا الْعمي الْعَظِيم الْمضرَّة الْقُلُوب الَّتِي هِيَ مَحل نور البصائر