من الْعلم الضَّرُورِيّ بِأَن السّلف مَا تأولوا ذَلِك مثل مَا مَعَ الْمُتَكَلّم من الْعلم الضَّرُورِيّ بِأَن السّلف مَا تأولوا الاسماء الْحسنى بامام الزَّمَان وان كَانَ مجَاز الْحَذف الَّذِي تأولت بِهِ الباطنية صَحِيحا فِي اللُّغَة عِنْد الْجَمِيع لَكِن لَهُ مَوضِع مَخْصُوص وهم وضعوه فِي غير مَوْضِعه كَذَلِك الْمُتَكَلّم فِي بعض أَسمَاء الله الْحسنى كالسميع والبصير والحكيم والرحمن والرحيم فانها من الاسماء الْحسنى الْمَعْلُوم وُرُودهَا فِي كتاب الله على سَبِيل التمدح بهَا وَالثنَاء الْعَظِيم وَنَصّ الله تَعَالَى وَرَسُوله على أَنَّهَا ثَنَاء على الله تَعَالَى فِي حَدِيث قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي وَفِيه فاذا قَالَ الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ الله تَعَالَى أثنى عَليّ عَبدِي مَعَ تكريرها فِي عهد النُّبُوَّة وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لم يشْعر أحد مِنْهُم فِي تِلْكَ الاعصار كلهَا بتقبيح شَيْء من ظواهرها أَلا ترى أَن الرَّحْمَن الرَّحِيم ثابتان فِي السَّبع المثاني المعظمة متلوان فِي جَمِيع الصَّلَوَات الْخمس مجهور بهما فِي أَكْثَرهَا فِي محافل الْمُسلمين مُجْمِعِينَ على أَنَّهُمَا من أحسن الثَّنَاء على الله تَعَالَى وأجمله وأفضله متقربين إِلَى الله بمدحه بذلك مظهر من أَنه أحب الْحَمد اليه وَلذَلِك كرر تَكْرَارا كثيرا فِي كتاب الله سُبْحَانَهُ وَفِي بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم المكرر فِي أول كل سُورَة المتبرك بِهِ فِي أول كل عبَادَة وجمعا مَعًا ومرجعهما إِلَى معنى وَاحِد وَلم يجمع اسمان فِي معنى وَاحِد فِي مَوضِع وَاحِد قطّ كالغفار الغفور وَنَحْو ذَلِك بِخِلَاف الرَّحْمَن الرَّحِيم فَتَأمل ذَلِك فهما الْغرَّة والمقدمة فِي ممادح رب الْعِزَّة فِي خطب الْمُسلمين وجمعهم وجماعتهم وحوائجهم ومجامعهم ورسائلهم ومكاتباتهم وتصانيفهم وتصرفاتهم وكل أَمر ذِي بَال كَانَ مِنْهُم فِي مصادرهم ومواردهم وتضرعهم إِلَى رَبهم ودعائهم وَعند رقتهم وخضوعهم وجدهم واجتهادهم يلقنها سلف الْمُسلمين خَلفهم ويتلقنهما خَلفهم عَن سلفهم ويعلمهما الْآبَاء أَبْنَاءَهُم ويتعلمهما الابناء من آبَائِهِم ويتردد التشفي بذكرهما بَين أصاغرهم وأكابرهم وبدوهم وحضرهم وخاصتهم وعامتهم وذكرانهم وإناثهم وبلدائهم وأذكيائهم فَأَي مَعْلُوم من الدّين أبين من كَونهمَا من ممادح الله تَعَالَى وَأشهر وأوضح وَأظْهر وَأكْثر استفاضة وشهرة وتواترا وعظمت الشناعة فِي إِنْكَار حقيقتهما ومدحتهما حِين وَافق ذَلِك مَذْهَب القرامطة وَمذهب أسلافهم من الْمُشْركين فِي انكارهم الرَّحْمَن وَنَصّ الْقُرْآن على الرَّد عَلَيْهِم