إعلم أخي المسلم أن الأخلاق هي العامل الأول لتحسين المعاملات، والخلق هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال الإرادية الاختيارية من حسنة وسيئة وهي قابلة بطبعها لتأثير التربية الحسنة والسيئة فيها، فإذا ما رُبِّيَت هذه الهيئة على الفضيلة والحق، والرغبة في الخير وحب المعروف وروِّضَت على حب الجميل وكراهية القبيح أصبح ذلك طبعا لها تصدر عنه الأفعال الجميلة بسهولة ومنها: الصبر، والكرم، والعدل والإحسان والحياء .. وما إلى ذلك من الفضائل الخلقية، والكمالات النفسية.
كما أنها إذا أهملت فلم تهذب التهذيب اللائق بها ولم يعن بتنمية عناصر الخير الكامنة فيها أو رُبِّيَت تربية سيئة حتى أصبح القبيح محبوبا لها والجميل مكروها عندها وصارت الرذائل والنقائص من الأقوال والأفعال، تصدر عنها سميت تلك الأقوال والأفعال: خُلقاً سيئ ومنها الخيانة والكذب والجفاء والغلظة والجزع، وغيره.
ومن هنا نوه الإسلام بالخلق الحسن ودعا إلى تربيته بين المسلمين، وتنميته في نفوسهم واعتبر إيمان العبد بحسب فضائله، وإسلامه بحسب خلقه ومن علامات حسن الخلق: كف الأذى، وكثرة الحياء، وصدق اللسان، وقلة الكلام وكثرة العمل، وكثرة الإصلاح وأن يكون وصولا وقورا صبورا شكورا لا سبابا ولا لعانا ولا حقودا ولا بخيلا ولا حسودا.
إن أخلاق المسلم الفاضلة وكل خصاله الحميدة، إنما هي مستقاة من ينابيع الحكمة المحمدية أو مستوحاة من فيوضات الرحمة الإلهية ..
ولقد لخصت عائشة رضي الله عنها أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - في كلمات قليلة فقالت: ((كان خلقه القرآن)) صحيح الجامع2/ 4811.
لقد كان محمد - صلى الله عليه وسلم - قرآنا متحركا في دنيا الناس، رأى الناس صدقه ونبله وعفته وشرفه وحياءه وكرمه وبطولته وشجاعته، وعزته ورجولته وسخاءه وعبادته وخشوعه وجهده وورعه وتقواه فعلم الناس يقينا أن هذا المنهج ما أنزله الله إلا ليتحول في دنياهم إلى واقع عملي وإلى منهج حياة.
فالإسلام هو دين الخلق قال - صلى الله عليه وسلم - ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)) صحيح الجامع1/ 2349. ومن ثم زكى الله عز وجل نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى {وإنك لعلى خلق عظيم} القلم: 4.
وها أنا أقدم لك في ((باب المعاملات)) النية على النحو الآتي:
1 - النية الأولى: لماذا أعمل؟ ((بر الوالدين، صلة الأرحام، معاملة الجيران .. ))
2 - النية الثانية: لأفوز بفضل ((بر الوالدين، صلة الأرحام .. مع ذكر بعض الفضائل .. ))
3 - النية الثالثة: لعدم الوقوع في التحذير المذكور عنها، وذكرنا بعض التحذيرات.
**