تم الأول إن لم يكن مقصودا البتة، ولكن سبق إليه اللسان؛ فهو بدل الغلط، أي: بدل عن اللفظ الذي هو غلط؛ لا أن البدل نفسه هو الغلط، كما قد يتوهم.

وإن كان مقصودا؛ فإن تبين بعد ذكره فساد قصده؛ فبدل نسيان؛ أي: بدل شيء ذكر نسيانا.

وقد ظهر أن الغلط متعلق باللسان، والنسيان متعلق بالجنان1؛ والناظم وكثير من النحويين لم يفرقوا بينهما فسموا النوعين بدل غلط.

وإن كان قصد كل واحد منهما صحيحا؛ فبدل الإضراب، ويسمى أيضا بدل البداء2.

وقول الناظم: "خذ نبلا مدى" يحتمل الثلاثة؛ وذلك باختلاف التقادير؛ وذلك لأن النبل: اسم جمع للسهم، والمدى: جمع مدية؛ وهي السكين.

فإذا كان المتكلم إنما أراد الأمر بأخذ المدى، فسبقه لسانه إلى النبل؛ فبدل غلط.

وإن كان أراد الأمر بأخذ النبل، ثم تبين له فساد تلك الإرادة؛ وأن الصواب الأمر بأخذ المدى؛ فبدل نسيان.

وإن كان أراد الأول، ثم أضرب عنه إلى الأمر بأخذ المدى وجعل الأول في حكم المتروك؛ فبدل إضراب وبداء.

والأحسن فيهن أن يؤتى ببل3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015