وصل إلينا في علم الحديث، وهو موطأ الإمام مالك بن أنس -المتوفى سنة 179هـ- لم يخلُ من ذكر طائفة كبيرة من الأحاديث التي تتعلق بسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأوصافه وأسمائه، وذكر ما يتعلق بالجهاد1.
واستمر هذا التقليد، أو هذا المنهج بعد ذلك في كتب كبار علماء المحدثين، وفي مقدمتهم الإمامان: البخاري -المتوفى سنة 256هـ- ومسلم بن الحجاج -المتوفى سنة 261هـ- فقد اشتمل صحيحاهما على جزء كبير من مغازي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفضائله وفضائل أصحابه ومناقبهم، وقد شغل ذلك عشر صحيح البخاري2 وحذا حذو البخاري ومسلم أصحاب السنن والمسانيد في كتبهم.
3- سلك معظم المؤلفين الأوائل في السيرة والمغازي مسلك علماء الحديث؛ من حيث العناية بالإسناد، وإن بعضهم -كمحمد بن إسحاق، ومحمد بن عمر الواقدي وأمثالهما- قد اضطر هؤلاء مراعاة لسير الحوادث وترتيبها في نسق واحد، أن يجمعوا الأسانيد، ويجمعوا بعد ذلك المتن، من غير أن يفردوا كل جزء من المتن بسنده، وقد قصدوا بذلك عرض الحادثة التاريخية في