اختلافها، وملخصها أن الإمام مالك بن أنس كان يثق في رواياته -بينما كان لا يثق في روايات ابن إسحاق كما سبق ذكره- وكذلك كان يثق في الواقدي من فقهاء الحنفية: محمد بن الحسن الشيباني، بل لقبه بأمير المؤمنين في الحديث، وذلك قبل أن يصبح هذا اللقب مقصورًا على الإمام البخاري فيما بعد. ووثق به من فقهاء الشافعية: القاسم بن سلام.
أما الذين طعنوا عليه فمنهم، علي بن محمد المديني، ومن أقواله فيه: "عند الواقدي عشرون ألف حديث لم يسمع بها". وقال عنه يحيى بن معين: "أغرب الواقدي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشرين ألف حديث". وقال عنه أحمد بن حنبل: "الواقدي يركب الأسانيد".
والظاهر أن مطاعن المحدثين عليه كمطاعنهم على غيره من كتاب المغازي والسير؛ لاختلاف المنهج بين الطائفتين. فهو لم يكن يتقيد بمذهبهم من ناحتين:
الأولى: أنه كان يأخذ من الصحف، ويعتمد على الكتب، وثقات المحدثين كانوا يكرهون تلك الطريقة أشد الكراهية، ويرون أنه لا يصح للمحدث أن يحدث بحديث إلا إذا كان قد سمعه بأذنه ممن روى عنه. الثانية: أنه كان يجمع الأسانيد المختلفة ويجيء بالمتن واحدًا، مع أن جزءًا من المتن لبعض الرواة، وجزءًا آخر