إن من الأمور المهمة في هذا العصر السعي إلى ربط الناشئة منذ البداية بالسيرة النبوية العطرة؛ ليتم تلقي المعرفة من خلالها موضوعاً وأسلوباً، وذلك لما يجده الدارس لهذه السيرة من علم ومعرفة تنسجم مع حاجاته ومتطلباته في الدنيا والآخرة، بل إنه ليجد التطبيق الحي لهذا العلم.
وإن مما يعانيه المجتمع اليوم الانفصام البين بين العلم والتطبيق، فكثير من الناس لا ينقصهم المعرفة، ولكن ينقصهم جانب كبير من تطبيق لتلك المعرفة، وتحويلها إلى سلوك عملي مؤثر، ولذلك فإن من المهم اليوم أن يتجه الأساتذة والمربون، وهم قادة المجتمع ومربُّو أجياله، وقدوة ناشئته، إلى السيرة النبوية للارتباط بها، والسعي على تلقي تلك الدروس النبوية، ومعايشتها موضوعا وأسلوبا ومنهجا، والتي كان النبي يعلمها أصحابه، ثم يتلقاها أصحابه رضي الله عنهم، سلوكاً عملياً في حياتهم.
وهذا هو المطلوب بالدرجة الأولى من المعلّم، أن يكون متمكنا من دفع الطالب للعمل بما علم، وأن تترجم تلك المعرفة التي يتلقاها الطلاب إلى سلوك في حياتهم في المنزل وفي المدرسة وفي الطريق ومع الجميع.
ثم يستشعر أن التعليم من الأمور المطلوبة من الجميع، فهو حق متاح، بل واجب على الرجل والمرأة، فكل منهما كان يسعى ويتعلم من الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كانت تلك سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم العملية، فقد خصص الرسول صلى الله عليه وسلم يوما للنساء يتعلمن منه العلم الشرعي، لكونهن يطلبن ما يطلبه الرجال من الخير، ولما لهن من النصيب الأوفر في الرسالة التربوية المهمة، سواء في تربية أولادهن في المنازل أو التعليم في المدارس، فالأم هي المربية الأولى لجيل المستقبل، ومن