قال عبد الله: فحدَّثت أبي بما وقع في نفسي.

فقال: لأن تكون قلتها أحب إليّ من أن يكون لي كذا وكذا (?) .

قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله: (فيه – أي حديث السؤال عن النخلة – وسيأتي بعده في الأمثلة التحريض على الفهم في العلم، وينبغي للمُلغَز له أن يتفطَّن لقرائن الأحوال الواقعة عند السؤال، كما ينبغي للملغِز ألا يبالغ في التعمية بحيث لا يجعل للمُلغَز باباً يدخل منه، بل كلما قرَّبه كان أوقع في نفس سامعه (?) .

فعلى المعلم أن يستخدم طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحوار والمناقشة، فها هو عليه الصلاة والسلام لم يُلْقِ على أصحابه رضي الله عنهم هذه الحقيقة إلقاء تقريرياً: أن المسلم مثل النخلة، أو أن المفلس يوم القيامة من يأتي بكذا وكذا، بل حاورهم وناقشهم وأراد أن يتوصل من خلال هذه المحاورة إلى استثارة دفائن ما عندهم وبلغتهم إلى ملاحظة ما حولهم ويشركهم معه في البحث.

وبهذا لا يصبح المتعلم مجرد جهاز تسجيل ينفعل ولا يفعل، ويتلقى ولا يفكر. بل هو كائن حي عاقل يبحث ويفكر ويحاور ويناقش ويخطئ ويصيب (?) . أو يسأل صلى الله عليه وسلم أصحابه عن بعض المعاني المعروفة فحينما يخبرونه بما يعرفون يأتي بمعنى آخر لهذه الألفاظ التي سألهم عنها (?) . ومن ذلك ما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما المفلس"؟ قالوا: المفلس فينا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015