بـ"الحكمة" والإعداد الموازين لمتطلبات العصر. وليس هناك مؤسسات لإعداد المفكرين المختصين بـ"الجدال الأحسن" الذين يخاطبون الفكر الإنساني كله بـ"أحسن" مما عنده. وليس هناك مؤسسات لـ"شهود" ما يجري في قرية الكرة الأرضية، و"قراءته" قراءة راسخة محيطة تمهد لـ"حكمة" التخطيط والتنفيذ. ليس هناك شيء من هذه المؤسسات والاستراتيجيات، بل الأمر متروك للكر والفر الخطابي، وللجهود الفردية. فإذا أفرزت الصدقة مفكرا فردا فظهر أمره، وشاع استثمرت الجماعة أو الحزب أفكاره، ومجهوداته -ما دامت توصف بالصواب وتحظى بالقبول، وإذا تناول النقد أفكار الفرد المذكور، أو أصاب التطرف تطبيقاتها تبرت الجماعة من المفكر، وأفكاره وألقت المسئولية عليه وحده.
والتوصية العاشرة الأخيرة، أن يتم التنسيق بين كافة المؤسسات المقترحة لتكون دائرة عمل فاعلة -متجددة بتحدد الحياة واستمرارها. ومثلما كان الطائر والسمكة هما النموذج الذي اهتدى به مصممو الطائرة والسفينة، فكذلك يجب أن يكون جسد الإنسان هو النموذج الذي يهتدي به تنسيق العمل الإسلامي ودائرة التنظيم المقترحة. فكما تحتل غدد الإفراز الموجهة -كالقلب والدماغ والرئتين والكلى، والبنكرياس -أحصن المواقع في الجسد وأخفاها حتى عن بصر صاحب الجسد نفسه، وتقوم بوظائف بعث الحياة في الجسد وتوجيه أنشطته وتنقيته مما يؤذيه، كذلك يجب أن يحل العمل الإسلامي -علماءه ومفكريه، أو "أولو الأمر" فيه- أحصن المواقع وأخفاها حتى عن عناصر العمل الإسلامي نفسه، ليقوموا في مواقعهم الحصينة الخفية بوظائف ثلاث: الأولى، تطوير -المثل الأعلى- اللازم لكل جيل من أجيال العاملين لإخراج الأمة المسلمة وعافيتها، والثانية، رسم الخطط والاستراتيجيات، والثالثة، التقويم والمراجعات والتزكية من المعوقات. فالعمل الإسلامي لديه الخبرة الكافية -إن كان يعقل- عن سياسات "حكماء مترفي قرية الكرة الأرضية" إزاء الرؤوس المفكرة المسلمة، وإبطال فاعلية العمل الإسلامي وإيقاف حركته.