ولقد زادت حدة هذه التناقضات والضغوط الناتجة عنها بسبب الوعي السياسي المتزايد، وانشار فاعليته بين الطبقات المحرومة.
ولكن أخطر هذه التناقضات -في رأي جيمس بيكر- هو فشل الحكومات الإقليمية، والقومية المعاصرة في إدارك التناقض بين سياساتهم المحلية الإقليمية وبين الضرورات العالمية. فالحكومات القويمة -منذ مائتي عام- تمارس سلطة مطلقة وتنفرد في تقرير المصائر على حساب الواجب الملح في تحقيق التعاون بين شعوب العالم. وما زالت التربية تصيغ الناشئة صياغة قومية، وتضعهم في خدمة التسلط الطبقي، والقومي مع إن تطور الحياة يسير في اتجاه معاكس ويتطلب آفاقا أرحب من التسامح، والتعاون لمساعدة بني الإنسان على التحرر من نزعاتهم العدوانية التي يمارسونها تحت عناوين الصالح العام والأمن القومي.
ويزيد في الحاجة إلى التربية الدولية أن التطور الثقافي في العالم يسير في اتجاه يعزز أهداف هذه التربية وتوجهاتها، ويمهد لبدء حضارة عالمية واحدة أساسها المعارف العلمية، والتكنولوجية المشتركة، والتطلعات المشتركة، والمصير المشترك، والجهود المشتركة لمواجهة المشكلات القائمة، وتخطي الحدود القائمة في السياسة والثقافة والاجتماع. ويعزز ذلك انهيار الحواجز الجغرافية والثقافية وظهور المدن الكبرى التي تعيش فيها مجموعات تمثل العالم كله مثل نيويورك ولندن، وطوكيو بالرغم من التناقضات التي تسببها الحكومات القومية، والعرقيات القائمة في العالم. ويعزز هذه الوحدة الظواهر العالمية والمشاركات والممارسات العالمية كالشركات الاقتصادية العالمية، ودراسات السلام العالمي والتخطيط المشترك لمستقبل العالم.
ويخلص -بيكر- من استعراضه هذا إلى القول إنه آن الأوان أن يدرك الناس أن البشري يعشون في كوكب واحد -أو بلد واحد- بين كواكب أخرى لا حياة فيها، وأنهم يواجهون مشتركة واحدة، وإنهم ما لم