بمضرتها، وهو غني امتنع أن يفعلها ... فأصل وقوع السيئات منه عدم العلم أو الغنى"1.

وغالبا ما يتخذ الكفر مظهرين: الأول، كفر ضحايا قيم الحرمان الذين أحبوا الدنيا وفشلوا في دوامة الصراع الجاري حول المال، والتنعم بالأشياء. فيدفعهم الفشل والفقر والحرمان إلى الكفر، خاصة إذا لم يتبن علماء الدين قضاياهم، ويتصدوا للظلم النازل بهم والدعوة إلى إنصافهم والعناية بهم2. والمظهر الثاني، كفر ضحايا قيم الترف، أي الذين جهلوا حكمة الجاه والثراء فأبطرهم الانتصار في حلبة الصراع على الدنيا، وأفرجهم احتكار النعيم والثروة والقوة، واعتقدوا أن هذه النصر مرده علمهم، ومهاراتهم في الكسب والإنتاج، فيسخرون من الدين، ويتجرأون على الفساد، ويتحللون من المسئولية الأخروية، وإلى هذا يشير قوله تعالى:

{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 212] .

4- إعجاب كل ذي رأي برأيه:

ومحور هذه الصفة الأخيرة من صفات الأمة الميتة هو تعطل روح الجماعة والعمل الجماعي، وتوقف تبادل الخبرات والمشورة. وينتج عن ذلك بروز ظواهر التعصب للرأي، والعجب والكبر والتعالم، وإملاء الرأي وفرضه على الآخرين في جميع دوائر الحياة الاجتماعية ابتداء من القواعد الدنيا في الأسرة، والمتجر، والمصنع، ودائرة الوظيفة حتى أعلى دوائر المجتمع في رئاسة الحكومة، وقيادة الدولة حيث زعامات الحكم المطلق، والقيادات الدكتاتورية المتنافرة المتناحرة. ويكون من نتائج ذلك بروز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015