ولقد انتبه إلى الفرق بين "اللعن" و"النقد" شيخ الإسلام ابن تيمية، وفصل في ذلك في بحوثه المودعة في سلسلة فتاويه خاصة المجلد 35 الذي يحمل عنوان: كتاب قتال أهل البغي. كذلك قام بتقييم سياسة الخلفاء الراشدين، وخلص إلى وجوب الاقتداء بسنة أبي بكر وعمر. أما ما فعله عثمان وعلي، ونتج عنه افتراق الأمة فلا يؤمر بالاقتداء به. وعلل ذلك بالقول: إن أبا بكر وعمر ساسا الأمة بالرغبة والرهبة، وسلما من التأويل في الدماء والأموال. أما عثمان فقد غلب الرغبة وتأول في الأموال. وعلي غلب الرهبة وتأول في الدماء. كما أن أبا بكر وعمر كمل زهدهما في المال والرياسة. أما عثمان فقد كمل زهده في الرياسة فقط، وعلي كمل زهده في المال1.
كذلك قام ابن تيمية بتقييم مواقف -طلقاء مكة- الذين أسلموا بعد الفتح فلم يجز لعنهم، ولكنه انتقد بإسهاب وصراحة كلا من معاوية، وعمرو بن العاص واعتبرهما الفئة الباغية2. وأضاف أن معاوية لم يكن كفؤا لعلي بن أبي طالب3 وأن معاوية كان أول الملوك الذين بدلوا الخلافة إلى الملك الذي لا يجوز في أصل الشريعة، ويتضمن ترك بعض الدين الواجب، ثم علق على ذلك قائلًا:
"وإن مصير أمر المسلمين إلى -الملوك- ونوابهم من الولاة والقضاة، والأمراء ليس لنقص فيهم فقط، بل لنقص في الراعي والرعية جميعًا، فإنه كما تكونوا يول عليكم. وقد قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا} 4.