الذي تحلى به الخليفة عمر، والحس الاجتماعي العادل المرهف الذي أوتيه علي رضي الله عنهم لم يتصف به إلا أبو بكر وعمر، وعلي ونفر لم يتعد أصابع اليد. لذلك لا يجوز أن يترك مصير "الإيواء" المعيشي والاجتماعي لتقوى الحاكمين ومشيئتهم، وإنما لا بد أن توجه التربية إلى صون هذا الإيواء وحمايته بالتشريعات، والمؤسسات التي تقيد يد الحاكم، وتجعله عرضة للاستجواب والاستفسار والمحاكمة إن أتى ما يخرق هذا الحرص والاستعفاف والتشريع.
كذلك لا يجوز أن تترك صدقات الفقراء لمشيئة الأغنياء، ليبذلوا الفضلات والفتات والدراهم، والقروش التي لا تسد حاجة ولا توقف عوزا، وإنما لا بد من التشريعات، وضرائب الضمان الاجتماعي التي توفر حاجة الأمة في "الإيواء" بالأساليب الكريمة، التي لا تناول من كرامات الناس، ولا تعرضهم للمن والأذى إذا لم تكف الزكاة لذلك1.
سابعًا: والمظهر السابع للإيواء هو تكامل أقاليم الأرض التي تقطنها الأمة المسلمة -سواء بالوحدة أو الاتحاد
وأهمية هذا التكامل أنه بدونه يستحيل تحقيق الإيواء، وتجسيد تطبيقاته في الأمن المعيشي والأمن الديني، ويستحيل بناء الحضارة الإسلامية، ونجاح مشروعات التنمية. والسبب إن الحضارة -أية حضارة- لا تقوم ولا تزدهر إلا على رقعات الأرض الكبيرة الواسعة. ويقدم التاريخ في الماضي