أي أمتك. وعن أبي العالية في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ} أي لا يقتل بعضكم بعضا، {وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} يقول: لا يخرج بعضكم بعضا من الديار1.
وتتضاعف خطورة نفي الإنسان، وإخراجه من مكان إيوائه إذا كان المنفيون من الرسل والدعاة ورجال الفكر، والعلم الذين يكرسون جهودهم لإصلاح ما
أفسد الناس. وإلى هذه الخطورة كانت الإشارة في قوله تعالى:
{وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا، سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا} [الإسراء: 76، 77] .
هذه هي سنة الله التي مضت في جميع الرسالات من قبل، وهي سنة ماضية مستمرة، فحين تخرج الأمم رسلها ودعاتها، وتنفيهم ينزل بها العذاب المدمر، ولن تجد لسنة الله هذه تحويلًا. وعن ابن عباس: إنها نزلت في أهل مكة حين أخرجوا الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحبه، فعذبهم الله بعد قليل من
إخراجه بقتلهم يوم بدر2.
خامسا: والمظهر الخامس لـ"الإيواء" هو الربط بين الأمن المعيشي، والأمن الديني
يقترن الأمن المعيشي بالأمن الديني اقتران الوسيلة بالهدف. فإذا انهدمت الوسيلة، وتعطلت فاعليتها صعب تحقيق الهدف. ولذلك يوجه القرآن الكريم -في دعاء إبراهيم عليه السلام- إلى أن توفر الأمن المعيشي، والأمن الاجتماعي سبب في عبادة الله وشكره:
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا