- "وإن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما ينشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، يلحق من بعد موته" 1.

أما أن تكون المساكن والأبنية إظهارا للعلو في الأرض، وتجسيدًا للطبقية والترف، وتمييزا للأغنياء عن الفقراء، وتعطيلًا لمساحات واسعة من الأرض عن الزراعة والغرس، فذلك عبث ولهو طائش من يقترفه خارج عن تقوى الله وطاعته.

{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ، وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [الشعراء: 128-131] .

ولقد فسر ابن عباس وتلميذه مجاهد: الريع، بأنه كل مكان مشرف من الأرض مرتفع. والآية: البنيان. والعبث، البناء لمجرد التفاخر. والمصانع: القصور المشيدة2.

والرسول -صلى الله عليه وسلم- يجرد من الأجر كل إنفاق على البناء الذي لا حاجة له، أو يستهدف الزينة والمباهاة. من ذلك قوله:

- "النفقة كلها في سبيل الله إلا البناء، فلا خير فيه" 3.

وعن قيس بن أبي حازم، قال: إنهم دخلوا على الصحابي -خباب- وهو يبني حائطا فقال: إن المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب4.

ولذلك ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه حين يذهب العلم ويفشو الجهل، فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015