الإسلام. ومن شعار الكفر إلى شعار الإسلام لغرض من أغراض الدنيا. إنما المعتبر وقوع الهجرة لأجل أمر الله"1.
ولقد نقل -القرطبي- عن ابن العربي أنه قسم الهجرة إلى ستة أقسام: الأول: الهجرة وهي الخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكانت فرضا في أيام النبي -صلى الله عليه وسلم، وهذه الهجرة باقية مفروضة إلى يوم القيامة، والتي انقطعت بالفتح هي القصد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث كان، فإن بقي في دار الحرب عصى ويختلف في حاله. والثاني: الخروج من أرض البدعة. قال ابن القاسم: سمعت مالكا يقول: لا يحل لأحد أن يقيم بأرض يسب فيها السلف، والمنكر إذا لم تقدر أن تغيره فزل عنه، فقد قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} إلى قوله: {الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68] . والثالث: الخروج من أرض غلب عليها الحرام؛ لأن طلب الحلال فرض على كل مسلم. والرابع: الفرار من الأذية في البدن، وذلك رخصة إلهية، وأول من فعلها إبراهيم عليه السلام، فإنه لما خاف من قومه قال: {إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} [العنكبوت: 26] ، وقال: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات: 99] وقال مخبرا عن موسى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: 21] . والخامس: خوف المرض في البلاد الموبوءة والخروج منها إلى الأرض المعافاة، وهو ما أذن به الرسول -صلى الله عليه وسلم- للرعاة حين استوخموا المدينة أن يخرجوا إلى المسرح، فيكونوا فيه حتى يصحوا. والسادس: الفرار خوف الأذية في المال؛ لأن حرمة مال المسلم كحرمة دمه، والأهل مثله وأوكد2.
والخلاصة إن التعاريف النبوية للهجرة، وتفسيرات الباحثين الإسلاميين تشير بوضوح تام إلى أن الهجرة قسمان: هجرة جسدية وهجرة نفسية، وأن الهجرتين متكاملتان متبادلاتا الفاعلية والتأثير. ذلك أن -الأفراد المؤمنين-