يلومها، قائلاً: إنما أُتيتُ من قِبَلِكِ.

وهذا اللّوم أحبّ إلى الله من أكثر الطاعات لأنه يورث انكسار العبد الصالح لربِّه، فلذلك يسرع إليه الفرج ويتواثب إليه اليسر؛ لأن الله يجبر المنكسرة قلوبهم لأجله، وعلى قدر الكسر يكون الجبر.

قال تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ الله قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} (?).

المطلب الثاني: الصبر عن المعاصي والمحرمات

إذا أخذت الدنيا زينتها وأقبلت على الإنسان تتراقص كالحسناء اللعوب، ونشرت شهواتها ذات اليمين وذات الشمال، فهذا لون جديد من الابتلاء، إنه فتنة السرَّاء؛ لأن الله يبلو عباده بالشر والخير.

قال تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (?).

انظر رحمك الله لقد جعل ذو الجلال والإكرام التنعيم والإكرام ابتلاءً كالتضييق في الرزق سواء.

ولذلك فالعبد محتاج إلى الصبر عن ملاذ الدنيا وشهوات النفس، فلا يطلق لها العنان لتسترسل وراء شهواتها من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث.

وثمة أمر آخر للصبر في هذا المجال إنه الصبر عن التطلُّع إلى دنيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015